لو فكر أبناؤنا وبناتنا قليلا لوجدوا أن الحياة صنعت البعض منا بقسوتها وظروفها القاسية ومعطياتها التي كانت لا ترحم، ولم تكن عطوفة رحيمة كما يتوقع البعض منهم، كان هناك من يعمل رجل أمن وموظفا مدنيا وحارس منشأة وحتى سائق وايت ماء، ولكن كان لديه طموح وأهداف مستقبلية فأصر على مواصلة الدراسة ومجابهة مشاكل الحياة بمختلف أنواعها، لم تعجزه عن تحقيق حلمه والحصول على مبتغاه وهدفه، كان يتعامل مع تلك الظروف والمشاكل والضغوط بما يستطيع حتى تجاوزها ووصل لما يريد، في هذا الزمن أصغر مشكلة أو ظرف تجد هذا الشاب أو هذه الشابة يتحطم وتتحطم ومنهم من يصاب بالاكتئاب والقلق والتوتر، وهذا لا يعود على الشخص إلا بالحسرة والمرض والحزن، اطلعت على قصة وكيف استطاع هذا الأب أن يجعل ابنته تمر بسلام من هذه الأزمة وكيف تتجاوز ظروفها وتحل مشاكلها، في أحد الأيام شكت طفلة لوالدها ما تعانيه من مشقات الحياة. أخبرته أنها تعيش حياة تعيسة ولا تعلم كيف تتجاوز كل المصاعب التي تواجهها. فما إن تتغلب على مشكلة ما حتى تفاجئها الحياة بمشكلة أكبر وأقسى، كان والدها طاهيا بارعا، فطلب منها مرافقته إلى المطبخ. وهناك أحضر ثلاثة أوعية ملأها بالماء ووضعها على النار. وبمجرد أن بدأت بالغليان، وضع حبات من البطاطا في الوعاء الأول، حبات من البيض في الوعاء الثاني وحفنة من حبيبات القهوة في الوعاء الثالث. وتركها تغلي دون أن يقول شيئا، أصاب الطفلة الملل وبدأ صبرها ينفد، وراحت تتساءل عما يفعله والدها، وبعد عشرين دقيقة، أطفأ الأب الطيب النار، وأخرج البطاطا والبيض والقهوة ووضع كلا منها في وعاء زجاجي شفاف، التفت بعدها نحو ابنته وقال: ماذا ترين؟ بطاطا، أو بيض أو قهوة، أجابت مستغربة، قال الأب: والمسي حبات البطاطا، وكذلك فعلت الطفلة فلاحظت أنها أصبحت طرية، ثم طلب منها أن تكسر حبة البيض، فلاحظت أنها قد أصبحت أقسى، أخيرا طلب منها ارتشاف القهوة فلاحظت أنها لذيذة ورسمت على محياها ابتسامة خفيفة أبي ماذا يعني كل هذا؟ وهنا شرح الأب قائلا: كل من البطاطا والبيض والقهوة واجهت نفس الظروف، الماء المغلي الساخن، لكن كلا منها أظهرت رد فعل مختلفا، فالبطاطا التي كانت تبدو قاسية قوية أصبحت طرية ضعيفة، والبيضة ذات القشرة الهشة تحول السائل فيها إلى صلب، أما القهوة فكانت ردة فعلها فريدة، لقد غيرت لون الماء ونكهته، وأدت إلى خلق شيء جديد تماما، صمت الأب قليلا ثم واصل ماذا عنك أنت؟ عندما تواجهك ظروف الحياة الصعبة، كيف تستجيبين لها؟ هل تبدين ردة فعل كالبطاطا؟ كالبيض؟ أم كالقهوة؟ العبرة المستفادة من هذه القصة: تحدث في الحياة من حولنا الكثير من الأمور، وتواجهنا الكثير من الصعاب والأحداث المؤلمة، لكن لا يهم منها شيء. فالمهم حقا هو كيف نختار ردة فعلنا على هذه الصعاب، هل تحطمنا وتجعلنا ضعفاء كالبطاطا. أم أنها تحولنا إلى أشخاص قساة من الداخل كما هو الحال مع البيض. أم أننا نتعلم منها ونستغلها في تغيير العالم من حولنا، وخلق شيء إيجابي جديد.
@alnems4411