DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

«التهيئة النفسية».. كلمة السر في عودة الطلبة بيسر وأمان إلى الدراسة

إعدادهم معرفيا وذهنيا وسلوكيا يجنبهم القلق والتوتر

«التهيئة النفسية».. كلمة السر في عودة الطلبة بيسر وأمان إلى الدراسة
عمل جماعيوقال الأخصائي النفسي العيادي د. عبدالله الوايلي، إن العودة إلى المدارس يترتب عليها عمل جماعي من خلال تضافر الجهود المفضية إلى التفاعل والتكامل والتعاون من الجميع لتكوين وقاية تفاعلية اجتماعية مشتركة، لأن العملية التعليمية مسؤولية مجتمعية مباشرة لا تقتصر على وزارة التعليم فقط؛ بل تشمل كل أفراد المجتمع ومؤسساته، من أجل معالجة الآثار النفسية والاجتماعية التي خلفتها الجائحة.
وأضاف: ضمن هذا الإطار نجد أن التهيئة النفسية المدرسية للطلاب غالبا لا تحصل على حقها من الأهمية العلمية والعملية، إذ يقتصر الاهتمام المجتمعي في كل عام دراسي جديد على الكم وليس الكيف، مثل عدد الطلاب والفصول والكتب الدراسية والتقويم الدراسي وغيرها من المحددات والأبعاد التعليمية، وتلك المعايير مهمة وضرورية لأنها أساسية في الحياة المدرسية، لكنها تأتي في الدرجة الثانية مقارنة بعملية البناء النفسي المعرفي ذهنيا وسلوكيا، لأنها سهلة وميسرة ويستطيع الكل توفيرها بطرق مختلفة، فهي ذات اتجاه واحد لكل فئات المجتمع على اختلاف النوع والكم والكيف.
التهيئة النفسية وتابع: لا بد من الإشارة إلى مفهوم التهيئة النفسية بشكل عام والمدرسية بشكل خاص، وهو يتركز على أن التهيئة عبارة عن عملية تكاملية تفاعلية متداخلة فيما بينها، تنطلق من الكل إلى الجزء بهدف الشمولية، وتعتمد في تحقيق أهدافها على 3 مكونات رئيسة، هي: إدراكية حسية ودلالية كلامية ومفاهيمية، وهذه المكونات في مجملها مجتمعة، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل التهيئة النفسية تقتصر على العودة إلى المدرسة؟ ولماذا؟ وللإجابة عن ذلك فهل مخرجات التهيئة النفسية وقتية أم مستمرة؟ لأن الحقيقة تقول إنها عامة ومهمة لكل أفراد المجتمع، بما فيها من أسر وأفراد، سواء كانوا الوالدين أو الأبناء، لأنها تقوم على أساس تفاعلي مشترك من الجانبين المادي والمعنوي، والنجاح الفعلي تكونه الجماعة وينفذه الفرد، وأساس النجاح الأسرة وسببه الطالب أو الطالبة.
العودة العشوائية وأشار إلى أن هناك حقيقة مفادها أن عدم التهيئة النفسية وخاصة المدرسية منها أو التهيئة العشوائية، يؤدي إلى اضطرابات نفسية مختلفة، وتشير بعض الدراسات إلى أن التهيئة النفسية المدرسية عندما تتعلق بالمراهقين والشباب والراشدين، فإنها تكون أسهل وأسرع وأكثر ديناميكية، وغالبا ما تكون تهيئة نفسية إيجابية، في حين أنها عندما تتعلق بالأطفال تكون أكثر صعوبة، إذ يصبح الطفل قلقا ومتوترا وخائفا من البيئة الجديدة، بل إنه قد يعاني ما يسمى «قلق الانفصال» الذي تظهر أعراضه بشكل واضح من خلال ما يمارسه الطفل في أول سنة دراسية من قلق وتوتر وخوف وحزن وبكاء، وهذا يعني أنها تهيئة نفسية سلبية، وأظهر بعض الدراسات أن التهيئة النفسية يمكن أن تؤثر في عملية اتخاذ القرارات، ولهذا تعمل بشكل أفضل عندما تكون المحفزات من الطبيعة نفسها، فمثلا عندما تكون التهيئة بصرية، فإنها تعمل بشكل جيد وأفضل مع الإشارات والمحفزات المرئية، بينما عندما تكون التهيئة لفظية فإنها تعمل بشكل أفضل مع الإشارات والمحفزات السمعية.. وهكذا.
الطمأنينة المطلوبةوأردف: العودة الدراسية تعني الاستعداد النفسي والذهني للجميع وعلى جميع الأصعدة، فلا بد للأسر من العمل المدروس والمنظم منذ البداية وفق مهارات أساسية، هي: التخطيط والتنظيم والتنسيق والمتابعة والتنفيذ ومن ثم الاستمرارية، حتى يتم توفير ما يحتاجه الطالب من أمن نفسي فردي وجماعي، وحتى يشعر بالطمأنينة النفسية المطلوبة التي يتشربها ويشعر من خلالها بالمسؤولية الذاتية والجماعية والمجتمعية تجاه نفسه أولا، وتجاه أسرته ثانيا، وتجاه مجتمعه ثالثا، وهذا حتما سيقوده في النهاية إلى الفهم والاستيعاب والتفكر والتدبر، ومن ثم بذل الجهد اللازم لتحقيق الأهداف الإيجابية المرجوة بشكل تدريجي.
وأضاف: من أهم الأدوار الأسرية لحماية أبنائها دائما في عمليات البناء والتوهج، الدور التحفيزي الذي يحفز الطلاب على التفاؤل نحو مستقبل أجمل، وذلك بناء على عدة معطيات، منها تعديل الساعة البيولوجية عبر إستراتيجية النوم، من خلال التعامل الصحي الذاتي والأسري وفق نظام التوازن النفسي الاجتماعي، لأن الحياة المدرسية مؤقتة، في حين أن الحياة الاجتماعية مستمرة، ولذا لا بد من عمل موازنة نفسية عالية وفق مثلث الصحة النفسية «النوم والغذاء والرياضة».
خطة استثماريةوأوضح أن العودة إلى المدارس تحتاج إلى خطة استثمارية بشرية تهدف بشكل رئيسي إلى التهيئة النفسية الشاملة وفق أبعاد ومؤشرات ومحددات ذاتية المنشأ وأسرية التربية واجتماعية الثقافة، وذلك لكل فرد من أفراد الأسرة الواحدة، إذ إن الثروة البشرية الحقيقية تكمن في البناء المعرفي، وأهم بُعد في تلك الثروة أنها عملية تفاعلية تكاملية بين الوالدين والأبناء والمعلمين وكل أطياف وفئات المجتمع، كل في مجاله، ومن هذا المنطلق فإن الثروة البشرية واستثمارها يعتمدان على عدة مدخلات ومخرجات سلوكية أسرية في التربية والتدريب والتعليم والتأهيل، لأنها أساس التقدم والحضارة المجتمعية في كل المجتمعات بون استثناء، ولذلك فإنها تأخذ طابع الديمومة، فمثلا عندما يتفاعل المجتمع مع المؤسسات التعليمية سواء كانت حكومية أو أهلية فحتما ستكون النتيجة إيجابية.
روح الحماسواختتم حديثه بالقول: الحلول المناسبة للتهيئة النفسية المدرسية كثيرة ومتعددة، والاستعداد الدراسي مهم جدا، إذ إن العودة إلى مقاعد الدارسة تحتاج إلى ثورة مجتمعية تقوم على تخفيف حدة القلق والتوتر، وبث روح الحماس وزرع الثقة لدى الطلاب وتهيئتهم نفسيا، خاصة الأطفال منهم، للعام الدراسي عن طريق المشاركة سواء النظرية أو العملية، وذلك باختيار متطلبات المدرسة ومساعدتهم في تقبل التغيير، والتعامل معهم بوضوح وبكل اتزان وعقلانية، خاصة عند الإجابة عما يدور في أذهانهم من أسئلة واستفسارات واستنتاجات كثيرة، بل لا بد من تبسيط الأمور وعدم التهويل، وتسهيل الإجابة عليهم مقرونة بالصور والمقاطع إن استدعى الأمر، وأخيرا التعزيز الإيجابي والتشجيع على السلوك المرغوب، ومنحهم المكافأة التي يستحقونها.
الاهتمام المجتمعي يتجاهلها ويركز على الفصول والملابس والكتب والتقويم
إهمالها يؤدي إلى «قلق انفصال» تظهر أعراضه على الطفل في أول سنة دراسية
العودة العشوائية تؤدي إلى اضطرابات نفسية مختلفة تؤثر على تحصيل الطالب
نجاح العملية الدراسية يحتاج إلى ثورة مجتمعية لبث روح الحماس والثقة لدى الطلاب
تشكل الحياة المدرسية بما فيها من متغيرات إيجابية وسلبية وتقلبات مرحلية ومستقبلية، أهمية كبيرة في حياتنا الاجتماعية، ومع العودة إلى الدراسة، يحدث حراك اجتماعي ينذر بحالة طوارئ لدى معظم الأسر، وهذا دليل على أهميته كجزء حيوي من دورة الحياة المجتمعية، غير أنه دائما ما يكون مثيرا للجدل والنقاش البيزنطي القائم على التأييد والمعارضة من جهة، والحب والكراهية من جهة أخرى بين أطياف المجتمع الواحد، وخاصة بعد جائحة كورونا وإفرازاتها السلبية على الجميع، بما في ذلك الطلاب من الجنسين، سواء كانت الآثار الصحية والنفسية منها والجسمية، أو الآثار الاجتماعية، بما فيها من علاقات إنسانية وأنشطة ومناسبات مختلفة.