[email protected]
تبقى اللغة العربية الفصحى هي الأم رغم انتشار اللهجات المحلية واستخداماتها المختلفة، ولست أميل إلى أن الفصحى وصلت إلى حالة «رثائية» وفقا لذيوع اللهجات فسوف يكتب لها الاستمرارية إذا ما تم استيعابها من قبل الناشئة عند التحاقهم بمدارسهم بشكل عملي ومتقن بطريقة يكون طالبها مؤهلا لأن يصل إلى درجة تجعل كلامه حجة على اللغة نفسها وإن لم يتم الاحتجاج على قواعدها النحوية، وهذا ما أثاره الدكتور علي الحوري في محاضرة قيمة نظمت في منتدى الخط الثقافي بمحافظة القطيف تحت رعاية صاحبه الإعلامي المعروف فؤاد نصر الله عنوانها «اللغة العربية كائن حي»، وهي كذلك رغم أفول عصر الاحتجاج منذ زمن بعيد.
ولعل نظرة فاحصة ومتأنية لتاريخ اللغة العربية التي تعود إلى الألفية الأولى قبل الميلاد أي قبل حوالي ثلاثة آلاف سنة تضعنا وجها لوجه أمام حقيقة واضحة وهي أنها أي -اللغة العربية الفصحى- تمكنت من البقاء والاستمرارية نظير تأثرها بسلسلة من العوامل أهمها الرسالة الإسلامية، حيث جاء كتاب رب العزة والجلال بمفرداتها، كما أن قوة العرب وعدم انهزامهم في العديد من الحروب والصراعات أديا إلى رفع راية لغتهم فلم تنقرض كبقية اللغات التي عاصرتها كالفينيقية والأمهرية والبابلية والآشورية، وقد أشار المحاضر إلى نقطة حيوية ذات علاقة بالفصحى وهي أن اللغة العربية ملكت منذ أن عرفت خاصية القدرة على التفاعل مع معطيات العصر واستيعاب جملة من الألفاظ العلمية في مجالات عديدة كالرياضيات والفلسفة واللسانيات، ولا بأس من استعمال الألفاظ المولدة التي لا يقوم مقامها لفظ جاهلي، بحكم أن استعمال اللفظ المولد خير من إحياء اللفظ الميت.