كم تعتقد أن حبه رمل صغيرة قد تؤثر على حياتك؟، قد لا يكون لها تأثير يذكر فأننا لا نراها حتى بالعين المجردة ولكن بعد التوترات السياسية الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية اتضح أن لهذه الحبه الصغيرة من الرمل أهمية كبرى، خاصة بعدما أعلنت وزارة التجارة الصينية الأسبوع الماضي تعليق تصدير الرمال الطبيعية إلى تايوان.
وتكمن أهمية الرمال في أنها المكون الرئيسي لصناعة الرقائق الإلكترونية، التي تشكل أهمية كبيرة للاقتصاد التايواني، التي تدخل في صناعة كل الإلكترونيات في العالم مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وحتى السيارات، إضافة إلى صناعة الطائرات التجارية والحربية وأنظمة التسليح المطورة.
شركة TSMC
تعد تايوان مركزًا عالميًا لإنتاج الرقائق الإلكترونية، وتحتكر توريدها إلى كثير من دول العالم من خلال شركة TSMC، المسئولة عن تصدير 92% من صادرات العالم من الرقائق، في حين أن أقرب منافسيها هي شركة سامسونج الكورية والتي تستحوذ على 8% فقط من صادرات العالم من الرقائق الإلكترونية.
ومن أهم الشركات التي تستعين بخدمات "TSMC"، "إنتل" و"أبل" و"هواوي" و"نفيديا" و"كاكوم" و"أمازون".
تأثير نقص الرقائق على العالم
"إن الأسوأ في صناعة الرقائق لم يأتِ بعد"، هكذا يرى باتريك جيلسنغر، رئيس شركة "إنتل" مستقبل صناعة الرقائق، إذ توقع استمرار الأزمة لمدة عام أو عامين قبل أن تعود الإمدادات إلى حالاتها الطبيعية، وهو ما قد يؤثر على كل الصناعات العالمية.
فغياب قطعة واحدة من الرقائق في مصنع سيارات قد يوقف خطّ إنتاج بالكامل، فهي تستخدم لتشغيل كل السلع الإلكترونية الحديثة، وعلى رأسها صناعة الأجهزة الإلكترونية، كالهواتف النقالة وغيرها.
وبالفعل تعطل انتاج 10 ملايين جهاز آيفون 13 خلال الربع الأخير من هذا العام، بعدما توقّعت شركة آبل أكبر مستورد للرقائق من تايوان إنتاج أكثر من 90 مليون جهاز فقط، كما خفضت شركة تويوتا إنتاجها بنحو 40%، و خطت فولكس فاجن خطوة مماثلة.
الصراع الصيني الأمريكي
بدأت نيران الحرب الصينية الأمريكية من وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأميركية، وتريد واشنطن استغلال الضعف الصيني في امتلاك تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية لزيادة الضغط على الصين في سياق الحرب الاقتصادية بين الطرفين، خاصة وأن تايوان وكوريا أكبر مصنعي الرقائق الإلكترونية حلفاء للولايات المتحدة الأمريكية، بينما لا تزال الصين تستورد الرقائق من الخارج، ولكن السؤال هو، هل ستقف الصين أمام الابتزاز الأميركيّ أم ستعتمد على قوّتها العسكرية لضمّ جزيرة تايوان إلى أراضيها ؟
ولهذا اعتبر بعض المحللين أن سعى الصين لفرض السّيطرة على تايوان سببه الوحيد السيطرة على أكبر مصنع للرقائق الإلكترونية في العالم وليس اعتبار تايوان مقاطعة منشقّة عنها ويجب إعادة ضمها إلى البرّ الصيني.
حيث تعتمد الصين اعتماد كلي على الرقائق الإلكترونية المستوردة من تايوان وأوروبا والولايات المتحدة، بالرغم من امتلاكها لمصانع للرقائق الإلكترونية، ولكنها في الوقت نفسه أكبر مصنع للسيارات في العالم، ورائدة في صناعة السيارات الكهربائية، ما يجعل مصانع الرقائق الإلكترونية في الصين غير كافية لسد الطلب الضخم على الرقائق من قبل مصانع السيارات الصينية، حيث تحتاج السيارة الواحدة من 50 إلى 150 شريحة إلكترونية.
أمريكا تعزز موقفها في حرب الرقائق
بالرغم من أن تايوان من أهم الحلفاء للولايات المتحدة الأمريكية، فإن أمريكا لم تعتمد على هذا بل اتجهت لتوطين صناعة الرقائق الإلكترونية، من خلال مشروع قانون أعلنه البيت الأبيض لدعم صناعة الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة، وكذلك للتخفيف من النقص المستمر في الرقائق الإلكترونية.
كما اتفقت الولايات المتحدة مع شركةTSMC لبناء منشأة بقيمة 12 مليار دولار في ولاية أريزونا الأمريكية، للمساعدة في تعزيز إنتاج الرقائق الإلكترونية بالولايات، لكنها لا تزال تنتج غالبية رقائقها في تايوان.
ومن المقرر أن يدعم القانون الشركات الخاصة بنحو 200 مليار دولار على مدى 10 سنوات لتعزيز البحث العلمي، فيما اعترضت الصين على مشروع قانون دعم الرقائق الإلكترونية الأمريكي، وقالت السفارة الصينية في واشنطن إن الصين تعارض القانون، ووصفته بأنه يذكرنا بـ عقلية الحرب الباردة.