فاجأت سيدة مصرية المجتمع برفع دعوى قضائية فريدة من نوعها، إذ اتهمت زوجها بـ"النشوز"، ووجهت أول إنذار طاعة ضد زوج في ساحات القضاء المصري.
تقدمت زوجة بأول إنذار طاعة ضد زوجها الطبيب تتهمه بالنشوز، بعد إهمالها وتهرّبه من الإنفاق عليها وعلى أطفاله، فأنذرته الزوجة بطاعتها، وقُيِّد الإنذار الأول من نوعه بدخول الزوج في طاعة زوجته تحت رقم 61581 مُحضرين أسرة مدينة نصر.
ورغم غرابة الدعوى فإن بعضهم قال إنها شرعية،ومنهم إيمان محسن، المحامية صاحبة الدعوى التي قالت إنها تستند إلى الآية 128 من سورة النساء، "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا".
أوجه نشوز الزوج
واستعرض "الإنذار" بيان أوجه نشوز الزوج، والتي جاءت كالتالي: أولًا: طرد الزوج زوجته من مسكن الزوجية، ثانيًا: حصوله بالإجبار على أطفاله، خاصة أن الإنذار نوَّه بأنه فرّق بين أبنائه الأخوات، فأخذ طفلين "ذكور" وترك للزوجة طفلتين، ثالثًا: انتزع الزوج حضانة الأطفال الصغار، رابعًا: اتهم الزوج زوجته بالسرقة وشهَّر بها.
وقالت المحامية إيمان محسن "الإسلام أباح للزوج تأديب زوجته الناشز بنفسه، ولم يُبح للزوجة تأديب زوجها الناشر بنفسها، ولكن وجب عليها اللجوء للقضاء وأن ينظر القاضي في أمر الزوجين ثم يكون تأديب الزوج الناشز بحكم القاضي ومعرفته".
معارضة الدعوى شرعًا وقانونًا
من ناحية أخرى، اعتبر الخبير القانوني والمحامي بالنقض أيمن محفوظ، هذا الإنذار باطلًا من الناحية الشرعية، فلا وجوب لطاعة الزوج لزوجته، لأنه وليها وليس العكس، ومن الناحية القانونية لا عقوبة دون نص، ولم ينصّ في التشريع الإسلامي أو النصوص القانونية أو الدستورية على ما يعاقب به الزوج جراء تلك الأفعال.
وأكمل: "لذا وجب رفض الدعوى لرفعها بغير الطريقة التي حدَّدها القانون، والزوجة هي التي تدخل في طاعة زوجها وليس العكس، ما يؤكد أن مثل هذه الدعاوى لركوب التريند والشهرة فقط".
تأييد دعوى نشوز الزوج
فيما اتفقت المحامية المتخصصة في الشأن الأسرى، رحاب سالم، مع الدعوى، قائلة "يُفهم من تلك الدعوى أن الزوجة متمسِّكة بالزوج رغم مرارة الحياة معه، فالزوجة فقط تستخدم الإنذار كدليل على إهمال الزوج والضرر الواقع منه عليها".
وأضافت: "الحقيقة النشوز لا يقتصر على الزوجة فقط، بل يمتد للزوج -كما ورد في كتاب الله عز وجل- ونشوز الزوج ظلمًا وبهتانًا كهجر الزوجة وإساءة عشرتها ومنع النفقة عنها وتعرضها للخطر والإيذاء يعد أكبر ضررًا عليها".
وطالبت سالم بسنِّ تشريعٍ قانونيٍ خاصٍ بتلك الفقرة في قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة.
آسفة أرفض هذا الطلاق
تتقاطع هذه الواقعة بشكل كبير مع قصة فيلم "آسفة أرفض الطلاق"، وهو فيلم مصري تليفزيوني، أنتج عام 1980، تأليف حسن محسب، سيناريو وحوار نادية رشاد، وإخراج إنعام محمد علي، وتدور أحداثه عن زوجة يُقرِّر زوجها تطليقها بشكل مفاجئ، وهي بدورها ترفض هذا الطلاق أحادي الجانب وتقرر الاستعانة بالقانون لمواجهة زوجها.
يحاول الفيلم من خلال السيناريو والأحداث طرح قضايا متعلقة بالتمييز ضد النساء في قانون الأحوال الشخصية وحق الرجل في التطليق الغيابي، كما يختبر فكرة إمكانية الاجتهاد في الشرع الإسلامي، وهو ما حدث بالفعل في دعوى نشوز الزوج التي اجتهدت فيها المدعية مستندة لآيات لتفتح بابًا للاجتهاد في التشريعات الإسلامية المتعلقة بحقوق النساء والرجال.
صُنِّف الفيلم وقتها على أنه مناصر لحقوق النساء، لما يقدّمه من رؤية نقدية لقانون الأحوال الشخصية وحق الرجل في التطليق الشفهي والغيابي، وتجاهل حق الزوجة في رفض أو قبول هذا الطلاق بوصفه إنهاءً لعقد الزواج الذي هو ككل العقود القانونية.
