لا تزال ظاهرة التنافر بين المؤسستين الثقافيتين تأخذ مساحة مهمة من اهتمامات الأدباء والمثقفين، فقد عرف في الوسط الأدبي والثقافي في المنطقة الشرقية أن هناك ازدواجية وتداخلا في مهام وأنشطة المؤسسات الأدبية والثقافية متمثلة في النادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون، ويقر بذلك رئيسا المؤسستين وجمع من المثقفين والأدباء، ولا يخفى على أحد هذا التنافر، كأننا نتعامل مع فضاءات متوازية تسير في اتجاه واحد بسرعات مختلفة، وفي الواقع هذا ما يترتب عليه تعطيل مسار التنمية ورؤية المملكة 2030، وهدر مادي وبشري، هذه الازدواجية تعد أرضا خصبة للارتجال غير المفيد، ويضاف إليها تشابه في التخصصات واللجان المنبثقة منها، فحل معادلة من متغيرين أمسى اليوم معادلة من خمسة متغيرات على الأقل.
إن التداخل بين المؤسستين يدلل على أن هنالك إجراءً لم يأخذ حقه في التخطيط الإستراتيجي والرؤية المستقبلية، فما بالك بالتنفيذ، بل أضف إلى هذه المعادلة الصعبة عامل إنشاء هيئات موازية، الهدف منها دفع عملية الأدب والثقافة في المجتمع، ونحن الآن نتعامل مع تداخل في مهام المؤسسات الأدبية والثقافية بعضها وبعض من جهة، وبعض الهيئات من جهة أخرى.
لهذا تحدث صعوبة في التعامل مع هذه الجهات حيث عدم وضوح المهام والمعايير الإجرائية، يبنى عليها بعدئذ اللجوء للعمل عبر العلاقات الشخصية، وحب الخشوم، في التعامل مع هذه الأنشطة والفعاليات، ما يعقد الحالة إلى أضعاف، خصوصًا مع الجيل الجديد الذي يُظهر بين يوم وآخر مبادرات شبابية وجهات تتمنى رعايته عبر مبادرات خلاقة جديرة بالدعم والإشادة والرعاية، فمع الازدواجية لا تكون هناك جهة في مقدورها أن تتبنى المبادرات الشبابية الطموحة ذات الأسقف العالية، فيما لا يزال بعض المسؤولين ينظرون إلى مسافة متواضعة.
التغطيات الإعلامية الحالية لفعاليات المؤسسات الأدبية والثقافية التي يرتضيها ويطمئن إليها المسؤولون ويظنون أن القطار يسير في المسار الصحيح، في الحقيقة هذا لا يخدم الفئات الشبابية بل يعيده إلى الخلف دور.
ما المانع في أن تتعاون هاتان المؤسستان - كما يرجو الجميع - فيما بينهما بدل القطيعة الطويلة التي باتت تتعمق جذورها وكل يحامي عن رعيته بدافع شخصي وليس لمصلحة المجتمع؟ ما المانع من التكامل والتنسيق فيما بين هاتين المؤسستين وتوزيع المهام، والالتفات لمصلحة الآخر بنية سليمة صافية قبل أي مصلحة أخرى، حتى لا نرى على أرض الواقع من يعدها من ضمن ممتلكاته الشخصية؟ ما المانع أن تتعاضد الجهود في المجال الواحد بين المؤسستين والتنسيق بين لجانهما ومسؤوليهما في فضاء واحد، عوضًا عن السير في فضاءات متوازية؟
يرى المهتمون أن وزارتي الإعلام والثقافة تحتاجان إلى التعجيل في إنهاء الخطط الإستراتيجية لمعرفة وضع هاتين المؤسستين، نعلم أن هناك دراسات وتخطيطا وهيكلة وتحديد مهام، لكنها تراوح مكانها، فقد طارت الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ومضوا قدما في خطة التنمية، بينما الشأن الأدبي والثقافي لا يزال يغرد خارج السرب.
شكرًا لحسن ظنكم.
• كاتب ومهتم بالشأن الأدبي والثقافي