شهدت أسعار المركبات داخل المملكة ارتفاعات غير مسبوقة في الفترة الأخيرة، نظرا إلى أسباب عدّة، بينها تأخر الشحنات الدولية وقلة المعروض، ولكن تظل الفروقات السعرية متقاربة بين دول الخليج.
وأكد وكيل السيارات علي رضا، في تصريحات صحفية سابقة، أن هذه المشكلة تعود إلى جائحة كورونا التي تسببت في إغلاق عدد من المصانع، بجانب تأثر عمليات توفير مكونات السيارات، خاصة أشباه الموصلات بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
أزمة السيارات عالمية وعابرة
وأضاف أن الأزمة عالمية وليست مقتصرة على السوق السعودية، مشيرًا إلى أن الربح المعقول في السيارة يجب ألا يتجاوز 15 إلى 20%، والمشكلة عابرة وستختفي قريبًا حال تشغيل المصانع بكامل طاقتها.
ونصح المستهلكين بعدم الخضوع لرغبات الموزعين في رفع الأسعار عن الطبيعي، موضحًا أن الشحّ في إمدادات السيارات موجود في جميع أنحاء العالم.
وبلغت مبيعات السيارات في السعودية نحو 247 ألفًا و799 سيارة في النصف الأول من عام 2020، بارتفاع 6.9% عن 2019 بنفس الفترة.
المملكة أكبر سوق عربيًا لمبيعات السيارات
وتُعدّ المملكة أكبر سوق لمبيعات السيارات وقطع غيار السيارات في الشرق الأوسط، وتمثل ما يُقدَّر بنحو 40% من جميع المركبات المباعة في المنطقة، إذ استوردت في عام 2016 ما يقرب من مليون مركبة، تشمل سيارات الركاب والمركبات التجارية والشاحنات الخفيفة.
وأوضح المتخصص بمجال السيارات، عبد الرحمن الخالدي، في تصريحات تليفزيونية أن أسعار السيارات في المعارض حاليًا أصبحت أغلى من الوكالات، بسبب انخفاض المخزون لدى الوكيل.
وأضاف: "السوق السعودية تنافسية، فمن الممكن أن يضغط الناس على الوكيل لإجباره على خفض الأسعار"، ونصح بالانتظار أو البحث عن خيارات أخرى أو مقاطعة المنتجات المبالغ فيها.
وتتوقع تقارير شركات الأبحاث والتسويق العالمية أن يتجاوز سوق سيارات الركاب في المملكة 28 مليار دولار في عام 2024 لعدة أسباب، منها تطور البنية التحتية، ورفع الحظر عن قيادة المرأة، مقابل 11 مليار دولار في عام 2018.
وأكد المتخصص بالسيارات، عبد الرحمن الخالدي، في تصريحات تليفزيونية، أن أزمة أشباه الموصلات أثرت بشكل كبير في جميع الشركات، خاصة حجم الإنتاج، مشيرًا إلى أن تضاعف أسعار النقل والشحن أسهم في تفاقم المشكلة.
وأوضح أن أسعار السيارات في المعارض أصبحت أغلى من الوكالات بسبب انخفاض المخزون لدى الوكيل، ويريد صاحب المعرض تعويض خسائره برفع هامش الربح.
تحقيق في أزمة تسلم العملاء لسياراتهم
وبدأت أزمة توفير الشرائح مع بداية التأثيرات الاقتصادية لوباء كورونا في نهاية 2019، بعد إغلاق عديد من الدول مصانعها وتأثر الإمدادات اللازمة لتصنيعها.
وأشار نائب رئيس لجنة السيارات بغرف الشرقية سابقًا، يوسف الناصر، في تصريحات صحفية، إلى أن السبب وراء الارتفاع هو إقبال المستهلكين على شراء السيارات، رغم وجود عديد من البدائل الأخرى المتوافرة، لافتًا إلى أن بعض الأنواع زادت في حالات قليلة بنسبة 100%.
"التجارة": التحقيق في ما يُثار حول ممارسات وكالات السيارات ببيع السيارات الجديدة للمعارض وتأخير تسليم طلبات المستهلكين. pic.twitter.com/pfOyZLNHNZ— وزارة التجارة (@MCgovSA) April 15, 2022
وفتحت وزارة التجارة مؤخرًا، تحقيقًا عاجلًا في تأخر تسلم العملاء سياراتهم وتفضيل بعض وكالات السيارات للمعارض والتجار على المواطنين. وأكدت اتخاذ إجراءات عدّة لحماية المستهلكين.
تشمل هذه الإجراءات تقصي ممارسات وكالات السيارات ومراجعة مبيعاتها ومخزونها، ورصد أعداد ومصادر السيارات الجديدة بالمعارض، والتحقق من أعداد السيارات المبيعة الأخيرة.
أيضًا يتضمن التحقيق مراجعة حجوزات المستهلكين ومواعيد تسليمها، ومعاقبة الوكالات المخالفة، وإعطاء الأولوية لطلبات المستهلكين.
وتراجعت واردات السعودية من السيارات خلال السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، من 1.2 مليون سيارة في عام 2015 إلى 546 ألف سيارة في 2021.
وزارة التجارة تُعلن 10 إجراءات عاجلة لمعالجة تأخر تسليم السيارات للمستهلكين من الوكلاء :
1- تواصل الوزارة مع الشركات المصنّعة لزيادة حصة المملكة من السيارات الأكثر طلباً.
2- منح الوكلاء المستهلكين الأولوية في توفير السيارات الأكثر طلباً، وتخفيض نسب الموزعين والمعارض. — المتحدث الرسمي لوزارة التجارة (@spokesman_mc) May 11, 2022
وكشفت وزارة التجارة عن 10 إجراءات عاجلة لمعالجة تأخر تسليم السيارات للمستهلكين من الوكلاء.
- تواصل وزارة التجارة مع الشركات المصنّعة لزيادة الحصّة المُخصّصة للمملكة من السيارات الأكثر طلبًا في السوق السعودي.
- منح وكلاء السيارات المستهلكين الأفراد الأولوية في توفير السيارات الأكثر طلبًا، وتخفيض نسبة السيارات المُخصّصة للموزعين والمعارض.
- الرقابة على الموزعين والمعارض لضمان عدم وجود ممارسات مخالفة وضارة بالمستهلك في بيع السيارات ورفع أسعارها وإيقاع الجزاءات حيال المخالفين.
- حوكمة قوائم الحجز لدى وكالات السيارات، وتعزيز الشفافية بمنح المستهلكين أرقاماً للحجز، ترتبط برقم الهوية وتحديد الأولوية بدقّة في قوائم حجز السيارات.
- إلزام وكلاء السيارات بنشر الأسعار والسياسات والتعليمات والإجراءات الخاصة بآليات (الشراء، حجز السيارة، الإدراج على قوائم الحجز، تسليم السيارة، الصيانة الدورية، قنوات الاتصال المخصصة لتلقي الاستفسارات والشكاوى) على مواقعهم الإلكترونية.
- تمكين المستهلك من حجز سيارة واحدة من نفس النوع خلال العام الحاليّ، للسيارات الأكثر طلبًا، إلى حين انتهاء قوائم الحجز.
- إيقاف شركات تأجير السيارات عن بيع السيارات الجديدة استغلالًا لارتفاع الأسعار، وضمان اقتصار شرائها للسيارات على غرض تأجيرها على العملاء.
- الإسراع في تنفيذ الربط الإلكتروني بين الوزارة وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك والإدارة العامة للمرور، ووكالات ومعارض السيارات، لتتبّع حركة بيع السيارات ورصد أيّ تعاملات أو ممارسات مُخالفة.
- تشكيل فريق عمل بعضوية ممثّلين من ذوي الاختصاص من: (وزارة الداخلية مُمثّلة في الإدارة العامة للمرور، ووزارة التجارة، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك) يتولى متابعة التعاملات والمُمارسات المُخالفة واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.
- تكثيف أعمال التفتيش والرقابة، واستمرار المتابعة على وكلاء وموزعي ومعارض السيارات وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص، وإيقاع الجزاءات على المنشآت غير الملتزمة بالأنظمة والتعليمات المعمول بها في المملكة، وبما يضمن التصدّي لأي ممارسات ضارة بحقوق المستهلك.
غزو أوكرانيا جلب مشكلات جديدة
جلبت الحرب الروسية الأوكرانية مجموعة جديدة من المشكلات لصناعة السيارات العالمية، بعد أن كانت قد بدأت التعافي من جائحة كورونا العالمية وأزمة نقص الرقائق الإلكترونية.
فأوقفت شركات عدّة إنتاجها أو خفّضت الكمية، بينما تبحث أخرى عن مصادر بديلة لقطع الغيار.
وظهرت أضرار الحرب في صناعة السيارات بأوروبا أولًا، غير إن الإنتاج في أمريكا ليس ببعيد عن التأثر، حال قطع الصادرات الروسية من المعادن، خاصة البلاديوم للمحولات الحفازة إلى النيكل.
وقال مارك ويكفيلد، الرئيس المشارك لوحدة السيارات العالمية لشركة أليكس بارتنرز الاستشارية: "إذا فقدت جزءًا واحدًا فلن تتمكن من صنع سيارة.. أي عثرة في الطريق تصبح إما تعطيلًا للإنتاج وإما زيادة في التكلفة غير مخطط لها إلى حد كبير".
وأضاف: "أفسدت مشكلات الإمداد شركات صناعة السيارات منذ اندلاع جائحة كورونا قبل عامين، مما أدى في بعض الأحيان إلى إغلاق المصانع وتسبب في نقص المركبات".
وتابع: "تسبب الانتعاش القوي الذي أعقب الركود في زيادة الطلب على السيارات إلى حد كبير على المعروض؛ وهو عدم تطابق أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة بشكل كبير إلى ما هو أبعد من التضخم العام المرتفع".
توقعات بانخفاض الإنتاج العالمي
وفق موقع Edmunds.com، ارتفع متوسط سعر السيارة الجديدة بنسبة 13% عن العام الماضي إلى 45596 دولارًا في الولايات المتحدة، وارتفع متوسط أسعار السيارات المستعملة بنسبة 29% ليصل إلى 29646 دولارا أمريكيًا اعتبارًا من فبراير.
وقبل الحرب الروسية الأوكرانية، توقعت شركة S&P Global Mobility لقطاع السيارات العالمي صناعة 84 مليون سيارة خلال العام الحاليّ و91 مليونًا العام المقبل.
يشار إلى أن مصنعي السيارات صنّعوا 94 مليون سيارة عام 2018، فيما يشير عدد من التوقعات إلى أن يكون الإنتاج أقل من 82 مليونًا خلال العام الحاليّ و88 مليونًا في العام المقبل.
في السياق نفسه، رأى مارك فولثورب، المدير التنفيذي لشركة S&P، أن توافر السيارات الجديدة في أمريكا الشمالية وأوروبا سيظل ضيقا للغاية، وستظل الأسعار مرتفعة حتى عام 2023، كما سيؤدي تكثيف الطلب على السيارات المستعملة إلى إبقاء الأسعار مرتفعة فترة أطول.
وقال فولثورب: "إلى أن تبدأ الضغوط التضخمية في أكل قدرات المستهلك ورجال الأعمال، فمن المحتمل أن يعني ذلك أن أولئك الذين لديهم الرغبة في شراء سيارة جديدة، سيتعين عليهم الدفع بأعلى سعر".
ومن المرجّح أن يؤدي التضخم المرتفع -للغذاء والبنزين والإيجارات وغيرها من الضروريات- إلى ترك عدد كبير من المشترين العاديين غير قادرين على شراء سيارة جديدة أو مستعملة، ثم يتضاءل الطلب، ويليه انخفاض للأسعار.
أحد العوامل الكامنة وراء التوقعات القاتمة لإنتاج السيارات هو إغلاق مصانع السيارات في روسيا، ففي الشهر الماضي، أعلنت شركة صناعة السيارات الفرنسية (رينو)، وهي واحدة من آخر شركات صناعة السيارات التي استمرت في البناء في روسيا، أنها ستعلق الإنتاج في موسكو.
