أوضح الكاتب والباحث ومدير البرنامج الثقافي بمركز الخليج للأبحاث د. زيد بن علي الفضيل، أن تزايد الاهتمام بالثقافة صار كبيرا في أوساط المجتمع المدني، خصوصا بعد إنشاء وزارة للثقافة، كما زاد الاهتمام بالنشاط الثقافي من بعد استقلال الثقافة عن الإعلام، وإنشاء الهيئات المختلفة التي يعتني كل واحدة منها بجانب من جوانب الثقافة، وهو ما جعل الثقافة مؤنسة، من واقع تجذر ارتباطها بالمجتمع على الصعيد الفردي والجمعي.
وأشار إلى أن تقرير الحالة الثقافية للمملكة للعام 2021 الذي أصدرته وزارة الثقافة، يظهر نموا في السياحة الثقافية الداخلية، وطبيعي أن تزيد وشائج العلاقة بين الاقتصاد كمنتج قائم على المنفعة والثقافة كحالة معرفية تزيد من وعي المجتمع، وهو ما انعكس إيجابا على فرص الدعم والتمكين للثقافة والإبداع التي رأى فيها المسوق الاقتصادي فرصة للارتقاء بمنتجه عبر الترويج له ثقافيا، وذلك أحد المؤشرات التي توضح أهمية الثقافة، ودورها في زيادة الناتج القومي بشكل عام.
وأكد أن الثقافة باتت منتجا يمكن قياسه لاسيما مع تشكيلاتها المتنوعة، بل وأصبحت في بعض مفاصلها صناعة يجب الاهتمام بجودة معاييرها التي تجعل منها قيمة عالية، وأضاف: كل ذلك صار محتاجا إلى وجود تقرير سنوي واف، تتم كتابته بمنهجية علمية قائمة على الرصد والتحليل بغية الوصول إلى تقييم أفضل للحالة الثقافية، ومعالجة أوجه القصور ومكامن الخلل في صناعة المشهد الثقافي بمختلف أشكاله من أدب وفنون بصرية، وفنون أدائية ومسرح ومعارف أخرى كالتراث المادي وغير المادي، والإنتاج السينمائي والتلفزيوني وغيرها.
وتابع: قيمة الثقافة تكمن في أنسنتها، ولا يتحقق هذا الهدف إلا بخروجها من غرفها المغلقة وحلقاتها النخبوية وانفتاحها على أفراد المجتمع بوجه عام، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم، وهو ما يتحقق في عرض الأنشطة الثقافية عبر المساحات المفتوحة، وهي غاية المثقف العضوي كما يقول «قرامشي»، أي ذلك الذي يصل بفنه وأدبه ومعرفته للناس فيتقبلونه ويتفاعلون معه، ولذلك نرجو أن يزداد الاهتمام بذلك مستقبلا، ويتم إشراك الناس في كثير من الأعمال الثقافية عبر إقامة معارض للفنون البصيرة، وإقامة عروض مسرحية في تلك الفضاءات المفتوحة، وكسر الحاجز الوهمي بين المثقف والمجتمع.
وأوضح أن الأبعاد التي تناولها التقرير وهي: «الإدارة والصون، والإنتاج والإبداع، والمشاركة الثقافية، والمعارف والمهارات، والاقتصاد الإبداعي»، تعد مؤشرات جيدة للتمكن من قياس جوانب مختلفة من القطاع الثقافي، كما يمكن مستقبلا إضافة تحليل الأداء الفعلي لكل نشاط، ومتانة كل مخرج ثقافي، ومدى مواءمته للأهداف والغايات والجودة الثقافية المتوخاة وفقا للمعايير المتفق عليها في إطار متانة وجودة العمل الثقافي.