زاد الحديث مؤخرًا عن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، في ظل التضخم الذي يعاني منه العالم، ولهذا من المتوقع أن يصعد الاحتياطي الفيدرالي حربه على التضخم، عن طريق رفع معدلات الفائدة في البنوك الأمريكية في اجتماعه المقبل 21 سبتمبر.
وتوقعت لوريتا ميستر، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في "كليفلاند" ارتفاع أسعار الفائدة إلى 4% في الأشهر المقبلة، أي أعلى كثيرًا من المستهدف الحالي الذي يتراوح بين 2.25% و 2.5% لمعدل الفائدة الفيدرالية.
وأضافت ميستر أن الزيادات في معدلات الفائدة ستؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، بينما يرتفع معدل البطالة وتظل الأسواق المالية متقلبة، إذ يختبر الأمريكيون هذا التحول في السياسة النقدية من خلال ارتفاع تكاليف الاقتراض، حيث سيصبح الحصول على رهون عقارية أو قروض شراء سيارات أكثر تكلفة.
حيث يستطيع أي بنك مركزي تسريع أو إبطاء الاقتصاد عن طريق تحريك أسعار الفائدة ارتفاعًا وهبوطًا، فمثلا خفض الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة وجعل الاقتراض شبه مجاني حين ظهر وباء كورونا، لتشجيع الأسر والشركات على الإنفاق، كما طبق برنامج التيسير الكمي عن طريق طباعة تريليونات الدولارات لتعزيز الاقتصاد الذي دمره فيروس كوفيد، والآن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بإبطاء الاقتصاد من خلال رفع أسعار الفائدة بقوة.
التضخم
يعتبر الهدف الأساسي لرفع أسعار الفائدة هو كبح التضخم مع الحفاظ على انتعاش سوق العمل، فأي بنك مركزي يرفع سعر الفائدة يستهدف سحب السيولة النقدية من الأسواق من خلال جذب المستثمرين لإيداع أموالهم في البنوك والاستفادة من عائد الفائدة المرتفع على الإيداع، أوهو تخفيض عمليات الاقتراض وبالتالي تتراجع القوى الشرائية للمستهلكين
ولهذا يتجه الفيدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة إبان الحرب الروسية الأوكرانية من ارتفاع أسعار الوقود، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة كل شيئ الغذاء والطاقة إلى المعادن أكثر تكلفة، ولهذا يلجأ البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع سعر الفائدة حالياً لتقليص التضخم.
النمو الاقتصادي
تعمل سياسة التشديد النقدي بشكل أساسي على سحب السيولة النقدية من الأسواق وبالتالي خفض الاستهلاك، كما أنها تزيد من حاجة الحكومات والشركات والأفراد إلى تخصيص أموال أكثر لخدمة ديونهم، والإحجام عن القروض الجديدة، وبالتالي تراجع الاستهلاك، ولهذا تتراجع معدلات النمو مع ارتفاع معدلات الفائدة، كما أنه قد تدخل اقتصادات بعض الدول في حالة انكماش.
الذهب
الذهب هو الملاذ الآمن لحفظ قيمة النقود خلال فترات الأزمات، فعلى الرغم من أنه لا يدر ربحا ولكن سعر لا ينخفض، ولكن تخلى الفيدرالي الأمركي عن سياسة التيسير الكمي واتجاهه إلى تشديد السياسة النقدية يجعل العائد على السندات الأمريكية كبير ومربح وأكثر أمانًا من الذهب، ولهذا فإن ارتفاع عائد السندات، يرفع تكلفة الفرصة البديلة للذهب ويخفض من سعر المعدن النفيس.
إضافة إلى أن عقود الذهب سواء كانت الفورية أو الآجلة مقومة بالدولار، وبالتالي فإن ارتفاع الدولار يزيد من تكلفة اقتناء الذهب على حاملي العملات الأخرى، الذين يحتاجون إلى كمية أكبر من عملاتهم لشراء الدولار ، ولهذا فإن رفع سعر الفائدة الأمريكية يفقد الذهب جاذبيته.
ويؤثر رفع معدلات الفائدة الأمريكية أيضًا النفط، لأن عقوده مقومة بالدولار مثل مثل الذهب، لهذا فإن ارتفاع الدولار يرفع من تكلفة التعامل بالنفط، لهذا يتراجع إقبال المستثمرين عليه.
أسواق المال
وتتأثر البورصات العالمية أيضًا بارتفاع معدلات الفائدة، لإنها تزيد من تكلفة تمويل الشركات المدرجة، وأيضا تأثر أنشطتها سلبًا، خوفًا من أن يؤدي رفع سعر الفائدة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في مختلف دول العالم، كما أنه يجذب المستثمرين إلى السندات أو الإئتمان البنكى لأنه أقل مخاطرة من التداول.