قال تعالى: (وأطعموا القانع والمعتر): فقد اختلف في تفسيرها أهل العلم على أقوال كثيرة، اختار الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره القانع هو الفقير الذي لا يَسأل، والمعتر: هو الفقير الذي يسأل. وهو اختيار الطاهر بن عاشور في تفسيره «التحرير والتنوير» (17/192)، بل هو اختيار أكثر المفسرين ويكفي السائل ـ إن شاء الله ـ أن حفظ ذلك، من جملة الأقوال التي قيلت في تفسيرها. وأما عن جملة الأقوال التي قيلت فيها، فقال ابن الجوزي في «زاد المسير» (5/433):
"فيهما ستة أقوال: أحدها: أن القانع: الذي يسأل، والمعتر: الذي يتعرض ولا يسأل: رواه بكر بن عبدالله عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، واختاره الفراء.
والثاني: أن القانع: المتعفف، والمعتر: السائل: رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والنخعي، وعن الحسن كالقولين. والثالث: أن القانع: المستغني بما أعطيته وهو في بيته، والمعتر: الذي يتعرض لك ويلم بك ولا يسأل: رواه العوفي عن ابن عباس.
والرابع: القانع: أهل مكة، والمعتر: الذي يعتر بهم من غير أهل مكة: رواه خصيف عن مجاهد.
والخامس: القانع: الجار وإن كان غنيا، والمعتر الذي يعتر بك: رواه ليث عن مجاهد.
والسادس: القانع: المسكين السائل، والمعتر: الصديق الزائر
وقد أفسر ذلك حسب معطيات الحياة الحالية أن القانع في هذا الزمن هو المستهلك والمعتر قد يكون التاجر، حيث يتحتم على ذوي الدخل المحدود، وكذلك الأغنياء أن يقبلوا بما تقوم به بعض مؤسسات التجارة والاستيراد من أساليب الجشع الملحوظ في زيادة غلاء المنتجات تحت ذريعة الارتفاع العالمي العام رغم أن هذه التجاوزات تخضع لمتابعة دقيقة من جهات العلاقة كوزارة التجارة والبلديات ونحو ذلك إلا أن بعض وليس الكل من الموردين لا يهمهم أنظمة التجارة بقدر ما يهم جمع الأموال وممارسة الضغط على المستهلك بتوسيع دوائر الاستغناء، وكما أسلفت أن المتابعة دقيقة والمحاسبة للجميع إلا أن ارتفاع الأسعار لا يزال يشكل هاجساً كبيراً على جميع شرائح المجتمع بكل شرائحه وطبقاته، ولكن الشريحة المتضررة من ذلك هم محدودو الدخل بشكل أكبر والطلب المأمول من الجهات ذات العلاقة متابعة ومحاسبة متجاوزي الأنظمة التجارية حتى لا نصبح لقمة سائغة للمتسترين والوافدين المخالفين لأنظمة العمل بالمملكة العربية السعودية بذريعة ارتفاع الأسعار من المصدر، وهذه العبارة أصبحت قاعدة لديهم للتحايل على عدم وصول صوت المستهلك للجهات المشروعة، ولكن من الواجب على المستهلك الواعي عند ملاحظة أي ارتفاع في أي منتج مهما كانت قيمة الارتفاع التوجه مباشرة لفتح بلاغ تجاري عبر تطبيق التجارة والمعروف بـ (تطبيق بلاغ تجاري)، حيث يتطلب تصوير المحل وكذلك اسم المحل ونوع المخالفة ويتم التعامل مع البلاغ مباشرة واتخاذ الخطوات اللازمة ضده وبذلك تتم ملاحقة المتستر المعتر، وقد شدد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله ورعاه- على الأدوار المهمة للأجهزة الحكومية ذات الصلة بمراقبة التطورات الدولية بما في ذلك المتعلقة بسلاسل الإمداد، ومتابعة الأسواق ووفرة المنتجات ومستويات الأسعار، وحماية المنافسة العادلة وتشجيعها، ومكافحة ومنع الممارسات الاحتكارية، التي تؤثر على مصلحة المستهلك.
anathiabi@