الزواج علاقة معقدة.. شخصان بعقليات وخلفيات مختلفة، إضافة للاختلاف السيكولوجي الطبيعي الموجود أساسا بين الجنسين، من المطلوب منهم أن يتعايشوا مع بعضهم ساعات طويلة في اليوم ويجتمعوا في علاقة لصيقة تعتبر أكثر العلاقات الإنسانية خصوصية، النتيجة أن يكون وقوع الخلاف واردا بل ومتوقعا.
كيف نتعامل مع الخلاف؟
أفضل خيار أن تحل المشكلة بين الزوجين بمعزل عن تدخل الأهل، لأسباب عدة أهمها:
١. حل الخلافات يساهم في تقويه الرابط بين الزوجين بإزالة الحواجز النفسية وتعميق الفهم وبالتالي تطوير العلاقة ونقلها لمرحلة جديدة.
٢. الانفراد بحل مشاكلك يساهم في نضوجك الفكري والعاطفي ويسمح لك أن تعيش تجربتك الخاصة ويجنبك استنساخ تجارب الآخرين.
٣. تدخل الأهل يضيف للمشكلة أبعادا جديدة بسبب المؤثرات والضغوط الخارجية بالإضافة إلى أن تعكير علاقة الشريك بالأهل قد يستمر ويولد مشاكل من نوع جديد.
اسمح لي بطرح بعض الموجهات العامة:
أولا: ليس بالضرورة أن يحل الخلاف لحظيا، أحيانا يكون من الأفضل تأجيل النقاش وطرحه في وقت مناسب بعد أن تتخلص من الاجتياح المشاعري الناتج عن الغضب أو الإحباط من الموقف الخلافي، على أن يكون التأجيل لموعد محدد لأن تراكم الخلافات قد يؤدي إلى انفجار عاطفي مفاجئ.
ثانيا: ابدأ نقاشك بمقدمات ولا تبدأ بالهجوم مباشرة (الهجوم المباشر يشعر الشخص أنه مضطر للدفاع عن نفسه ويفقده الرغبة والانفتاح للاستمرار في الحوار) إبداء تقديرك وامتنانك للشريك على مواقفه الجيدة سابقا سيكون بداية مناسبة.
ثالثا: التزم بالاحترام وآداب الحوار حتى تصل لنتيجة.
رابعا: نتعلم أن نفصل بين الفعل والفاعل بمعنى أن تنتقد السلوك فقط وابتعد تماما عن الشخصنة والاتهامات المباشرة.
خامسا: كن موضوعيا في النقاش وابتعد عن عبارات التعميم على شاكلة (أنت دائما هكذا).
سادسا: وضح بصورة دقيقة اعتراضاتك ومطالبك وتوقعاتك للتصرف المقبول بنظرك لو تكرر نفس الموقف مرة أخرى.
سابعا: احذر من اجترار أي مواقف أو مشاكل سابقة تم حسمها لأنها ستضيف تعقيدا إضافيا للمشكلة.
ثامنا: توقف عن الانحياز لنفسك وقدم المصلحة العليا للأسرة واعرف أن النقاش المثمر لابد أن تكون فيه درجة من التنازل في المفاوضة.
في حال بذلنا كل الجهود الممكنة وفشلنا في حل الخلاف من الأفضل طلب المساعدة من شخص مختص في الإرشاد الزوجي والأسري، لو استعصى ذلك لأي سبب كان نختار شخصا لديه المواصفات التالية:
أولا: أن يكون ملما بتفاصيل المشكلة بصورة جيدة ويتبنى منظورا شموليا للمشكلة ويبحث من كل الزوايا.
ثانيا: يمتلك القدرة على الانفصال عن تجربته الشخصية ويتخلص من المصافي العقلية ليحكم بشكل موضوعي.
ثالثا: يكون شخصا متزنا قادرا على تحييد مشاعره تجاه الزوجين ويستطيع الوقوف على مسافة واحدة من الطرفين، لذلك يفضل أن يكون بخلاف الوالدين (عاطفة الأمومة والأبوة عادة ما تخلق نوعا من الانحياز في التفكير يحجب الصورة الكاملة ويمنع من الوصول لحكم محايد).
رابعا: يكون محل ثقة وحافظا للسر وصاحب حكمة وخبرة حياتية تجعل آراءه تلقى التقدير والقبول من الطرفين.
كل هذه المعايير تتناغم مع الطرح الإسلامي في اختيار حكم من أهل الزوج وآخر من أهل الزوجة.
أخيرا،،، سأطلب أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن حياتك، وتحرص عليها، وتطور في نفسك التوجيه الذاتي وتتعلم مهارات التواصل وآليات اتخاذ القرار كلها مهارات مكتسبة قابلة للتعلم ببساطة وسيكون لها أثر كبير في رفع كفاءتك في مواجهة مشاكلك الزوجية والحياتية عموما.