@Khaled_Bn_Moh
الاستقرار الوظيفي مصطلح أخذ منحنيات متشعبة في تعريفه، فصاحب العمل ينظر له بنظرة تختلف عن العامل، وبنفس الوقت المختص في سوق العمل أو الموارد البشرية ينظر له بمنظور مختلف عن غيره، والتعريف الشائع لهذا المصطلح هو الإحساس بالرضا والأمان الوظيفي، الذي يدفع الموظف إلى البقاء والاستمرار في العمل لدى صاحب العمل، ويعتبر ناتجاً للإجراءات التي يقوم عليها صاحب العمل بهدف الاحتفاظ بالعاملين لدى المنشأة والتقليل من الدوران الوظيفي.
أحد التحديات الموجودة في العلاقة الوظيفية، التي تعاني منها جميع منشآت القطاع الخاص بلا استثناء هو ما يُعرف بـ «الهضبة الوظيفية»، وهذه الظاهرة لها تأثير كبير على معدلات الاستقرار الوظيفي ورفع التراكم المعرفي في سوق العمل، وتنتشر بشكل كبير في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وفي هذا المقال سأتطرق لهذا المفهوم بشكل مبسط.
قبل الحديث عن هذا الموضوع من المهم التعريف ببعض المصطلحات المتعلقة بهذا الموضوع، فالهضبة الوظيفية ممكن وصفها بوصول العاملين إلى درجة وظيفية تنعدم فيها فرص الترقية الأفقية أو العمودية، أما الهضبة الهيكلية فهي انعدام أو قلة فرص الانتقال العمودي للعاملين داخل المنظمة، والهضبة المهنية هي انعدام فرص الترقية الأفقية في المهنة نفسها بسبب عدم امتلاك معارف ومهارات جديدة من الناحية المهنية، وأخيراً الهضبة الشخصية وهي عدم رغبة العاملين بالانتقال إلى مستوى وظيفي أعلى بالرغم من توافر الفرص الوظيفية لهم.
قد يرى البعض أن هذا الموضوع يعتبر أمراً عادياً في جميع أسواق العمل، ولكن شخصياً أرى أن الهضبة المهنية والهضبة الشخصية تشكلان خطراً على رفع التراكم المعرفي في سوق العمل بالمملكة، خاصة في ظل وجود النسبة الأكبر من المشتغلين السعوديين في المنشآت ذات الأحجام متناهية الصغر والصغيرة.
كوجهة نظر شخصية وحتى تكون هناك قدرة على التعامل مع هذا الأمر، من المهم أن يكون هناك توجه لتشجيع تطبيق حد أدنى لممارسات الموارد البشرية في منشآت القطاع الخاص، وأرى من المهم أن تكون هناك مبادرات لرفع معدلات الاستقرار الوظيفي في القطاع الخاص، خاصة في المنشآت متناهية الصغر والصغيرة، وربطها بحوافز مادية للموظف في بداية مشواره الوظيفي بالإضافة لحوافز للمنشآت، وإضافة لذلك من المهم مراجعة المادة الثالثة والأربعين من نظام العمل، التي تنص «على كل صاحب عمل يشغّل خمسين عاملاً فأكثر أن يدرب على أعماله من عماله السعوديين ما لا يقل عن 12 % من مجموع عماله سنوياً» لتشمل جميع أحجام المنشآت، وربط تطبيقها بالتدريب الإلكتروني المجاني من خلال برامج التدريب، التي يقدمها صندوق الموارد البشرية.
القطاع الخاص له دور كبير في تقليص تلك الهضبات وتنمية الثروة البشرية المحلية، وذلك من خلال تطبيق ممارسات الموارد البشرية بشكل أوسع داخل منشآتهم، وأهمها نشر ثقافة العمل الجماعي، التي لها أثر كبير في زيادة ثقة الموظفين بأنفسهم وتنمية مهاراتهم، وأيضاً تطبيق سياسات التدوير الداخلي الأفقي، التي لها أثر إيجابي كبير في رفع المهارات والخبرات للموظفين، بالإضافة للاهتمام بشكل أكبر في برامج التطوير للموظفين، خاصة فيما يعرف بتدريب الظل Shadow Training.
ختاماً، إذا دربت موظفك السعودي وطورته ومن ثم قدم استقالته فلا يعني ذلك أن الموظف السعودي غير جدير بالعمل، ومثل هذه الحالة من المهم أن ينظر لها أصحاب الأعمال وقادة المنشآت بشكل إيجابي كأحد المسؤوليات الاجتماعية عليهم لزيادة التراكم المعرفي في سوق العمل.