@salemalyami
الارتزاق عمل إنساني بشري طالما ارتبط بالسياسة لعلاقته بالدول وقيامها واستمرارها ومقارعة أعدائها، والارتزاق يعني قيام شخص أو مجموعة بعمل عسكري أو حربي لمصلحة جهة أو دولة أو شركة مقابل أجر مادي. باختصار العمل العسكري الذي يدفع له مقابل مادي. الارتزاق قديم وعرف في الحضارات السابقة وعصر الإمبراطوريات القديمة، واستخدم في العصور المتأخرة في بلدان مثل بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية لكن ظهور وبروز الجيوش الوطنية وكثرة الناس أي السكان بسبب تقدم الخدمات الطبية والصحية قلل من الحاجة للمرتزقة. في منطقتنا العربية ومع ما عرف بثورات الربيع العربي وما خلفته من آثار عاد شبح المرتزقة يطفو على السطح من جديد ورأينا مرتزقة يمكن تسميتهم بأنهم عقائديون، وآخرون مرتزقة تقليديون ينتشرون في المنطقة العربية وتعلمون أن القنوات الفضائية أخيرا تحدثت عن أفواج من المرتزقة العرب ينتمون لدولة عربية فاشلة لدرجة أن قسما من هؤلاء المرتزقة يحارب النظام أي نظام الدولة، التي يعيش فيها ويحمل جنسيتها، وجزء منهم يعملون كحاملي سلاح ضد جماعات ومجموعات أخرى مناوئة.
ولفهم تطور هذه الحالة دعونا نتصور الأمر على النحو التالي أولاً وجود دولة فاشلة لا تقدم للناس شيئا لدرجة أن بحث الناس عن لقمة العيش أصبح أحد الطرق إليه عمل المواطن كمرتزق الخطوة الثانية أن هناك دولا في الإقليم وفي خارجه، بالإضافة إلى شركات أجنبية تسمى شركات أمن استثمرت هذه الحالة وجندت آلاف العرب من ذلك القطر كمرتزقة وبعثت بهم هذه الجهات إلى واجهات الصراع في ليبيا أولا ثم في أذربيجان والآن وحسب التقارير الأخيرة هناك كم لا بأس به من المرتزقة العرب يقاتل إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا. التقارير الصحفية والإعلامية الأخيرة تحدثت عن حالات لمرتزقة عرب في ليبيا على وجه التحديد، وقال بعضهم لصحيفة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية قبل مدة إنهم موجودون في ليبيا منذ سنوات ويتقاضون رواتب أقل من تلك، التي تم الاتفاق عليها قبل القدوم إلى ليبيا من دولة كبيرة في المنطقة، وعن علاقة هؤلاء المرتزقة العرب بالليبيين، قال بعضهم إن الناس في ليبيا لا يحبونهم وينظرون لهم على أنهم غرباء مخربون، وقال إن البعض منهم يعمل مع ميليشيات والبعض الآخر مع جهات توصف بأنها رسمية. البلد الشرق أوسطي الكبير كما تفيد تقارير متواترة هو بلد التجنيد، ويقال إن هذا الجانب وهو جانب رسمي بطبيعة الحال يعد المرتزقة العرب بمنح عائلاتهم الجنسية في حال مات المرتزق في المعارك. في قصة موازية، قال بعض المرتزقة لصحفيين أجانب إنهم قادمون من خلفيات غير عسكرية ولا خبرة لهم بالقتال وحمل السلاح، وأن مَن جندوهم وعدوهم بعمل تدريبات لازمة وأساسية قبل بدء العمل لكن لا شيء من ذلك يحدث ورغم المآسي الكبيرة في هذا المنحى، فقد برز مقاولون يجلبون المرتزقة للعمل بشرط أن يحصل السمسار على الراتب الأول، أخطر ما في هذه التقارير أن بعض السماسرة المختصين بجلب المرتزقة يقدمون أطفالا دون السن القانونية كمرتزقة في غير مكان من العالم. معلومات مؤسفة ولكنها الحقيقة، التي يجب أن يواجهها الجميع.
يقول أهل اللغة كلمة (مرِتزق) تكون بكسر الراء وليس بفتحه لأن ما فوق الفعل الثلاثي يكون اسم الفاعل منه على وزن مفتعل.