تستعد المملكة للاحتفال باليوم الوطني السعودي 92، لا بدّ من التأكيد أنها قد استطاعت بناء قاعدة اقتصادية متينة، خلال السنوات القليلة الماضية لتكون عضوًا فاعلًا في مجموعة العشرين، وأحد اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد العالمي وأسواق النفط العالمية، بفضل مواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي المتميز بيين قارات العالم الثلاث.
وقد عملت المملكة على تنويع اقتصادها بدعم من النظام المالي القوي والقطاع البنكي الفعال، اللذين أسستهما المملكة منذ نشأة الدولة الأولي، إضافة إلى الشركات الحكومية العملاقة التي تستند إلى كوادر سعودية ذات تأهيل عالٍ.
وشهدت المملكة خلال السنوات الماضية إصلاحات هيكلية عزَّزت معدّلات النمو الاقتصادي، مع الحفاظ على الاستقرار والاستدامة المالية، عن طريق الاستثمار في القطاعات غير المستغلة وتحسين البيئة الاستثمارية وزيادة جاذبيتها للمستثمرين المحليين والأجانب.
إطلاق رؤية السعودية 2030
ومن أهم الخطوات التي اتخذتها المملكة في هذا الاتجاه، إطلاق رؤية السعودية 2030 التي ترتكز على عديد من الإصـــلاحات الاقتصادية والمالية، لتحويل هيكل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد متنوع ومستدام، مبني على تعزيز الإنتاجية ورفع مساهمة القطاع الخاص، وتمكين القطاع الثالث.
وبالفعل نجحت هذه الرؤية في تنفيذ عديد من المبادرات الداعمة والإصلاحات الهيكلية لتمكين التحول الاقتصادي، وشمل هذا التحول تعزيز المحتوى المحلي والصناعة الوطنية وإطلاق القطاعات الاقتصادية الواعدة وتنميتها، إضافة إلى تعظيم دور القطاع الخاص والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز استدامة المالية العامة.
وظهرت نتائج هذا التحول، في قدرة اقتصاد المملكة على تجاوز جائحة كوفيد-19 عام 2020م بثبات، واستمر هذا بعد الجائحة، فحقق الناتج المحلي الاجمالي للمملكة العربية السعودية خلال الربع الثاني من 2022 ارتفاعًا بمعدل 11.8%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
ويعود ذلك إلى الارتفاع الكبير الذي سجلته الأنشطة النفطية بنسبة 23.1%، وارتفاع الأنشطة غير النفطية بنسبة 5.4% ، إضافة إلى ارتفاع الأنشطة الخدمية الحكومية بنسبة 2.2%
وزادت مساهمة القطاع غير النفطي، إلى 57.2% من الناتج المحلي السعودي في 2021، مقابل 56.3% في 2020، وتعد هذه النسبة الأعلى على الإطلاق منذ تعديل سنة الأساس إلى 2010.
وكانت مساهمة القطاع غير النفطي 53.8% في 2011، و53.9% في 2012، ثم 55.8% في 2013، و56.5% خلال 2014، و56% في 2015، و55.2% في 2016، و56.3% في 2017، و56.2% خلال 2018، و55.4% في 2019.
وفي 2021 زادت مساهمة القطاع الخاص إلى 39.7% في الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 38.6% في 2020، بمعدل نمو بلغ 6..2% ليكون أعلى معدل منذ 2013.
الصادرات السعودية
ارتفعت الصادرات السلعية السعودية في مايو 2022 بنسبة 83.4% عن شهر مايو 2021، إذ بلغت قيمتها 144.1 مليار ريال في مايو 2022 ،مرتفعة من 78.6 مليار ريال في شهر مايو 2021؛ نتيجة لارتفاع الصادرات البترولية بمقدار 59.7مليار ريال، بنسبة 105.5% .
فيما سجلت الصادرات غير البترولية ارتفاعًا بنسبة26.7% عن شهر مايو 2021، إذ سجّلت 27.9 مليار ريال مقابل 22.0 مليار ريال، ومقارنة بأبريل 2022، انخفضت قيمة الصادرات غير البترولية بمقدار 0.03 مليار ريال، وبنسبة 1.0%.
فيما ارتفعت الواردات في مايو 2022 بنسبة 21.8% بمقدار 9.6 مليار ريال، ووصلت قيمتها إلى 53.9 مليار ريال في شهر مايو 2022 ،مقابل 44.2 مليار ريال في شهر مايو 2021.
وزادت نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل خلال الربع الثاني من عام 2022 إلى نحو 32.9%، وأما نسبة المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات فوق سن الـ15 فوصلت إلى ما يقرب من 33.6%، إذ استفادت نحو 71.612 ألف امرأة من مبادرة العمل المرن، بينما استفادت 837.911 ألف امرأة من العمل الحر، وبلغ عدد المستفيدات من تشجيع العمل عن بعد ما يقارب 79.641 ألف امرأة سعودية.
الصادرات غير النفطية
ولم تكن زيادة الصادرات غير النفطية حظًا وافرًا بل ثمرة متوقعة للعمل الجاد، إذ أطُلق عدد من المبادرات، لدفع عجلة الصادرات غير النفطية، عن طريق تمكين الشركات السعودية من الوصول إلى الأسواق العالمية، وتطوير شراكات استراتيجية مع الأسواق العالمية المستهدفة وتنمية الصادرات.
كما أٌنشئ بنك التصدير والاستيراد لتسهيل تمويل الصادرات وإطلاق الهيئة العامة للتجارة الخارجية، لتعظيم مكاسب المملكة في التجارة الخارجية وتعزيز تنافسيتها وتمكين نفاذها للأسواق الخارجية.
قطاع الطاقة
وفي مجال الطاقة، عملت المملكة على دفع عجلة الطاقة المتجددة من خلال عدد من المشاريع في أنحاء المملكة، مثل محطة سكاكا للطاقة المتجددة، إضافة إلى تطوير قطاعي الزيت والغاز، ورفع القدرة الإنتاجية للغاز في المملكة.
وعملت المملكة أيضًا على تعزيز دور المدن الصناعية لتنمية قطاع التعدين، مثل مدينتي رأس الخير ووعد الشمال، عن طريق تمكين هذا القطاع من خلال إطلاق نظام الاستثمار التعديني، وتحسين البنية التحتية للخدمات اللوجستية والاستثمار فيها.
يهدف #صندوق_الاستثمارات_العامة إلى تطوير قدرة توليد الطاقة المتجدّدة في المملكة، وذلك بهدف تخفيف الأثر الكربوني وزيادة عوائدها المالية وتعزيز تأثيرها التنموي. — صندوق الاستثمارات العامة (@PIFSaudi) September 7, 2022
السياحة
وتعمل رؤية السعودية على تطوير المواقع السياحية وفق أعلى المعايير العالمية، وتيسير إجراءات إصدار التأشيرات للزوار وتهيئة المواقع التاريخية والتراثية وتطويرها.
كما أُطلق صندوق التنمية السياحي لتمويل وتعزيز نمو نشاط السياحة، وزيادة مساهمته في النمو الاقتصادي والتشغيل، فتحول ميزان السفر إلى فائض للمرة الأولى في عام 2019، وتقلص فارق الإنفاق بين السفر الخارجي والداخلي من 54 مليارات ريال تدفق للخارج في عام 2010 إلى فائض 4.8 مليار ريال تدفق للداخل في 2019
.
صندوق الاستثمارات العامة يضخ 150 مليار سنويًا
أقرَّ صندوق الاستثمارات العامة استراتيجية الصندوق على مدى السنوات الخمس القادمة، والتي سيعمل من خلالها على مستهدفات عديدة من أهمها: ضخ 150 مليار ريال سنويًا على الأقل في الاقتصاد المحلي على نحو متزايد حتى عام 2025.
ويستهدف الصندوق أن يتجاوز حجـم الأصول 4 تريليونات ريال بنهاية 2025، واستحداث 1.8 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر، عن طريق التركيز على 13 قطاعًا حيويًا واستراتيجيًا.
ومن أهم المنجزات التي حقَّقها صندوق الاستثمارات العامة على مدى السنوات الأربع الماضية، مضاعفة حجم أصول الصندوق إلى نحو 1.5 تريليون ريال بنهاية عام 2020، وتفعيل 10 قطاعات جديدة أسهمت في استحداث 365 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة حتى نهاية الربع الرابع لعام 2020.
.
#سمو_ولي_العهد :
مستهدفات صندوق الاستثمارات العامة ضخ 150 مليار ريال سنوياً على نحو متزايد حتى عام 2025والمساهمة بالناتـج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة 1.2 تريليون ريال بشكل تراكمي وبنهاية 2025 يتجاوز حجـم الأصول 4 تريليونات ريال واستحداث 1.8 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر pic.twitter.com/kjkEhdGjYr— إمارة منطقة حائل (@emara_hail) January 24, 2021
زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي
وأولت المملكة اهتمامًا خاصًا لزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص، عن طريق إطلاق عدة مبادرات للعمل على تمكين القطاع الخاص من زيادة مساهمته في الناتج المحلي.
وبدأت ملامح التحول تظهر جلية في بيئة الأعمال في المملكة، إذ تحسّن ترتيب المملكة في التقرير السنوي للتنافسية العالمية الصادر من المعهد الدولي للتنمية الإدارية لتصل إلى المركز الثامن على مستوى مجموعة العشرين لعام 2020.
كما أطلقت المملكة نظام التخصيص لتوفير البيئة التنظيمية للشراكة بين القطاع العام والخاص، وكذلك بعض أنظمة وتشريعات لتحسين بيئة الأعمال وتمكين القطاع الخاص، والتي شملت تطبيق نظام الإفلاس وتسهيل ملكية الأجانب، وتسهيل دخول منشآت جديدة للأسواق، من خلال تسهيل التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وخلق صناديق رأس مال جريء، مما سيؤدي لزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
ولم تكتف الرؤية بتحسين بيئة العمل فقط، بل عملت أيضًا على تحسين سياسات سوق العمل في المملكة، من خلال تحديث نظام العمل، وإطلاق تنظيم العمل المرن (الدوام الجزئي)، وتحسين العلاقة التعاقدية بين الشركات وبين العمالة الأجنبية بما يزيد جاذبية الكفاءات المحلية ويرفع مستوى العمالة الأجنبية.