@Fahad_otaish
الصورة التي نشرتها وسائل التواصل الاجتماعي لطفل يحمل حقائب أخواته البنات الصغيرات المدرسية، جذبت انتباه الكثيرين، الذين علق أكثرهم على هذه الصورة بطرق مختلفة، أجمعت على حسن صنيع هذا الطفل، والرسالة العاطفية والإنسانية التي تمثلها هذه الصورة، وهي تستحق بالفعل هذه التعليقات الإيجابية، لا سيما أن لها أبعاداً إنسانية واجتماعية وأخلاقية، وأضيف البعد التربوي لهذا العمل من الطفل الصغير، الذي أدرك بفطرته السليمة حاجة أخواته لمساعدته، فقرر أن يتحمل المسؤولية التي أملاها عليه خُلُقه، وحمل هذه الحقائب عن أخواته، رغم ما تشكله بالنسبة لطفل في هذا العمر من ثقل وتعب ومشقه؛ فالطفل لم يتحمل ثقل الحقائب فقط، بل هو تحمل راضيًا ما أحس به من مسؤولية تجاه أخواته، وهو إحساس قد يكون أكبر من أن يشعر به طفل في هذه المرحلة من العمر. ولطالما تحدثنا آباء ومعلمون ومربون عن غرس القيم وتوجيه السلوك من خلال المحتوى المعرفي للتعلم، بحيث تؤدي المعرفة إلى تعزيز السلوك الإيجابي لدى المتعلمين، وتعويدهم على أن يقبلوا على كل ما هو جيد وإيجابي، وأن ينفروا من كل ما هو قبيح من الأخلاق والتصرفات، وربما نتفق أن هذه هي المهمة الأصعب بالنسبة للمعلم، حيث إن الأهداف المعرفية والمهارية تكون أكثر وضوحًا في محتوى التدريس، ولكن هذا النوع من الأهداف المطلوب تحقيقها لا يكون واضحًا في المحتوى، ولكن يحتاج إلى معلم ماهر ليشتقها من وراء السطور، ويحولها إلى ممارسات عملية للمتعلمين. هذه الحادثة تؤكد أن السلوك الإيجابي هو فطرة إنسانية، جبلت عليها الأنفس، ولكن يبقى أن نرعى نحن الآباء والمعلمون والأسرة والمدرسة والمجتمع هذه الفطرة السليمة، ونحاول تنشئة الأبناء عليها من خلال القدوة أولاً، ثم تعزيز السلوك الإيجابي مهما كان بسيطًا، والتنفير من السلوك السلبي. قيمة الإيثار التي ظهرت جلية واضحة في تصرف هذا الطفل الذي آثر أخواته على نفسه متحملاً التعب والمشقة اللذين ظن أن أخواته ستعانيان منها حينما تحملان هذه الحقائب المدرسية، هي من القيم العليا، التي ينبغي أن نحرص على رعايتها وغرسها في أبنائنا، لا سيما في هذه الأيام، التي تضعف فيها هذه القيم أمام ضغوط الحياة اليومية، التي تدفع ضعاف النفوس نحو الأثرة بدل الإيثار، أي الأنانية وحب الذات دون الاهتمام بالآخرين ومشاعرهم، حتى وإن كانوا أخوة وأخوات، وهي حقيقة لا نجد سبيلاً إلا الاعتراف بها، ليكون هذا الاعتراف بداية للحد منها والعودة بمجتمعاتنا لما كانت تعرف به من التكاتف والتآخي بين الإخوة والجيران، ولتحقيق ذلك فإن دور المدرسة والجامعة والإعلام والمسجد، ودور الآباء والأمهات والمعلمين ضروري جداً، كما أن واضعي المقررات الدراسية والمخططين لمناهج التعليم مطلوب منهم أن يضعوا ذلك نصب أعينهم، وهم يعدون المناهج ويؤلفون كتب المقررات، والمعلمون الذين يوظفون هذه المناهج والمقررات في تنفيذ عملية التعلم...
وكزة: الحادثة تذكر أيضًا بأن الحقائب المدرسية بوضعها الحالي ثقيلة على الطلاب، وتتسبب في كثير من التشوهات في العمود الفقري للأطفال، ولا بد من وضع حل لهذا الوضع.