رأيت الإنسان عدو نفسه عندما لا يرى إلا بعين واحدة، توجه مسارات منهج حياته، أيضا عندما يعمل عنوة لتغييب دور العلماء الحكماء، واستبدالهم كقدوة بعقول تمثل غثاء منغلقا، على قشور يرددونها ويعظمونها منهجا للحياة. عشت -مثلكم- صحوة صنعوها وصمموها ليختلط الحابل بالنابل. هناك من تقدم مشاهد مهمة لا يستحقونها، والناس تعطيهم المكانة، لأنهم يتحدثون باسم دين يحترمونه ويقدسونه. أوغلوا بتجهيلهم، فتعلق الناس بالقشور. السؤال: من وضعهم في المقدمة؟ يعملون بوظيفة تجهيل الناس، وتحريضهم لزيادة الشقاق، والكره، وإعطاء الأمل الكاذب كمطية.
كفروا من شكك في صحوتهم. أقنعوا الناس بأنهم عملاء وخونة، يشكلون خطرا على الأمة، وعلى الدين الذي يدافعون عنه، وهم يكذبون. فرضوا التجهيل وقشوره على الناس. شغلوهم بها وأمعنوا. خلقوا قضايا حياة ذات أبعاد غير أخلاقية نحو التناحر، والتخلف، والاختلاف، وتعظيم الصغار. ثم عملوا لترسيخه منهجا في الحياة. تجهيل الناس سلاحهم، وبأهداف نتائجها وخيمة على الأمة. هذا هدف مستدام للأعداء. هذا التجهيل سهل قيادة الناس، وضربهم ببعضهم، لتحقيق حتفهم وهم سعداء. أصبحوا يكبرون الله لكن كل على ليلاه. دوائر شر الصحوة استغلت مبدأ العزة والكرامة، وحماس تغيير ينشده الشباب المسلم نحو حياة أفضل.
أحدثوا بصحوتهم طفرات نزع البوصلة. أصبح الدين سلاحا، وتجارة، وأداة تفريق، ووسيلة قتل، ومصلحة استغلها تجار صيد المصالح. مثلهم مثل تجار الحروب. صحوة جعلها مخترعوها تؤسس لأمل قيام الخلافة الإسلامية في نفوس الشباب، بهدف تسهيل قيادتهم والسيطرة على عقولهم واستنزاف قدراتها.
ما الأهداف النهائية للصحوة؟ من يقف خلفها ويوجه مساراتها وتوجهاتها؟ من المستفيد من وجودها؟ من يدعمها ويمولها؟ ما النتائج التي حققتها لواضعيها؟ بدأت الصور تتضح مع التخلص بالقتل من الشباب المغرر بهم. وعند أصحاب الصحوة غير مأسوف عليهم. جعلوهم وقودا لنيران أشعلوها. الصحوة في نهاية المطاف هي النار التي بواسطتها يتم التخلص من عقول الشباب المسلم حتى بالموت عنوة.
بعد هذا العمر، رأيت الصحوة مخططا استعماريا، للإنهاك وللإضعاف، تمهيدا لتأسيس دولة صفوية ثانية جديدة، بأهداف استعمارية جديدة، ستجعل المسلمين جميعا في حال تحقيقها -لا سمح الله- يترحمون على الدولة الصفوية الأولى، وكل مآسي الماضي. سعوا ويسعون لتشكيلها بمقاس عقائدي وفق مخطط لصالح مستقبلهم الاستعماري.
التاريخ لا يعيد نفسه إلا على الأغبياء، هكذا تعلمت. من غيب دروس التجهيل وعبره التاريخية؟ ما جرى ويجري هو بسبب الصحوة بشقيها الشيعي والسني. من جيش شباب المسلمين في جميع أنحاء العالم لصالح الصحوة.. وكيف؟ من هيأهم باسم الدين؟ من زج بهم في حروب خاسرة.. ولماذا؟ أسسوا للتخلص من العقول وإنهاكها، بجانب زرع اليأس وتعميق التخلف والمعاناة، وصولا للاستسلام والانقياد لبرامج تمرير مخططات صحوة التجهيل الاستعمارية هذه. صحوة تحمل مخططات ضد شباب الأمة. جعلوهم حطبا لحروب الشر في جميع أنحاء العالم، حتى أصبحوا في نهاية المطاف خنجرا مغروسا في خاصرة أهلهم.
عندما أرى تجهيل الناس يتوسع ويتعمق، فهذا يعني أن هناك مخططا استعماريا ضدهم. وكما أن هناك صهاينة، فهناك صفويون وخونة بنفس رسالة الصهاينة في كل زمان ومكان. جميعهم يعملون ضد الإنسانية بقيمها الإسلامية الصحيحة لصالح بناء الحياة والإنسان. لماذا جعل الاستعمار الوضع أشبه بالوضع قبل قيام الدولة الصفوية الأولى؟ هل كان كل ذلك تمهيدا لقيام دولة صفوية ثانية جديدة في العالم العربي من محيطه إلى خليجه؟ كل شيء مع الأعداء متوقع.
إن الذين يحاربون المملكة من الشرق والغرب، ويعادونها، ويشوهون سمعتها، ويشككون في قدراتها ومواقفها، يوقنون بأنها تعمل لتفكيك هذا المخطط ودحره. إن بلاد الحرمين وشبابها، كانوا.. وما زالوا.. وسيظلون في دائرة الاستهداف بصحوة التجهيل السرطانية الخبيثة. لنكن -كأمة- أكثر حرصا، وغيرة، وقوة، وترابطا، وتلاحما مع قيادتنا وفقها الله. نحن حماة مكة والمدينة. نحن أحفاد الصحابة رضي الله عنهم.
twitter@DrAlghamdiMH