لا يقتصر اختلاف المرأة عن الرجل على الجزء التشريحي والوظائف البيولوجية إنما يمتد ليشمل الجانب العاطفي والنفسي.
لذلك من البديهي أن تقوم العلاقة السوية بين الجنسين على مبدأ الاندماج والتكامل مع الحفاظ على درجة من الاستقلالية تضمن لكل منهما التحقيق الأمثل لرسالته وأهدافه في الحياة.
أما المنهج الذي يقوم على الصراع والتنافس إنما يدل على عدم النضوج العاطفي حيث يجب أن ندرك أن عقلية الصراع والرغبة في التنافس مع الآخر جذورها في الغالب الشعور بالنقص أو الدونية، فالعلاقة بين الجنسين تبنى على مشاركة في المهام وتوزيع للأدوار لأننا جميعا خلايا ضمن منظومة واحدة واجبنا أن نعمل معا لبناء نسيج مترابط.
هناك بعض الفروق النفسية الموجودة في الوعي الجمعي والتي تخلق عادة إشكالات في التعاملات بين الجنسين (تختلف نسبتها حسب درجة النضوج العاطفي للشخص).
قد يتعرض الإنسان لأنواع من المخاوف تفوق ثلاثمائة نوع، لكن هناك نوعين أساسيين يشكلان نسبة ثمانين في المائة من المخاوف البشرية هما الخوف من الفشل والخوف من الرفض.
الرجل عنده خوف من الفشل. يربط الرجل سعادته وقيمته في الحياة بالنجاح والإنجاز لكل مهامه، يحتاج الرجل لإثبات وجوده بالعطاء وهو من أسباب الاكتئاب والإحباط الذي يصيب كبار السن في سن التقاعد.
المرأة التي تظهر استقلالها الكامل تبعث برسائل خفية للرجل بفقدان القيمة، وهذا ما تقوم به بعض السيدات إما نتيجة جهلها لاحتياج الرجل الفطري للعطاء أو نتيجة توصيات ساذجة من الأهل والصديقات بالسيطرة على البيت فيضطر الزوج إلى أن يستسلم لرغبتها في الانفراد بالسلطة ويتركها أمام جبال من المسؤوليات لا طاقة لها بها ويتحلى هو بالبرود والسلبية وقد يبحث عن مكان آخر يثبت فيه نفسه ويجد فيه القيمة والأهمية التي افتقدها.
المرأة عندها خوف من الرفض. تربط المرأة قيمتها وسعادتها بأن تظل مرغوبة ومحبوبة من الآخرين، يسكن ذلك الخوف بالتعبير عن الحب والتأكيد عليه بالقول والفعل تصريحا وتلميحا.
من خلال الوعي بمخاوف الجنسين نستطيع أن نفسر استجاباتهم المختلفة وطريقتهم في طلب المساندة أو الدعم.
من الصعب على معظم الرجال طلب المساعدة أو حتى النصيحة لأنها تشعره بالعجز والفشل لذلك غالبا لا يرحب بنصائح وتوجيهات زوجته بل قد ينزعج منها على الرغم من أنها تقدمها بتلقائية لأن المرأة من طبعها الاحتواء والمساندة بحكم فطرة الأمومة.
أما المرأة فبمجرد أن تتعرض لضغط أو لمشكلة تبدأ بالشكوى. السيناريو المعتاد أن يبادر الرجل إلى تقديم مجموعة من الحلول فهو لا يستطيع التعامل مع حزن زوجته الذي يولد لديه شعورا «لا واعي» بالفشل في إسعادها.
ولأن ميكانيكية عقل الرجل تعمل على ابتكار الحلول آليا لأي مشكلة مطروحة للنقاش يقدم حلولا سريعة تمتعض منها الزوجة لأنها تشعرها بعدم اهتمامه وعدم تقديره لمشاعرها.
لذلك فالأفضل أن يكتفي الرجل بالاستماع وإبداء التعاطف والمشاركة فالمرأة غالبا لا تكون عاجزة عن إيجاد حل لاحتواء مشكلتها لكنها طرحتها لحاجتها للإنصات والتواصل العميق.
من حسن قوامة الرجل أن يعلم أن المرأة لا تعني بالضرورة كل ما تقول !!
لأن المرأة تتحرك بعاطفتها التي توحد نشاطها العقلي وتوجهاتها النفسية وتحويل المشاعر إلى كلمات مفهومة وعبارات منطقية ليس سهلا وأحيانا بعض المواقف تولد كثافة شعورية عالية تعجز عن معالجتها فتنفس عنها بتعبيرات قاسية قد تصل لطلب الطلاق أحيانا.
ولعل من الحكمة الإلهية البالغة أن جعل الخالق العصمة بيد الرجل لقدرته على إدارة عواطفه والمحافظة على ثباته الانفعالي في المواقف الصعبة، فالرجولة سعة وحكمة وحسن في الخلق.
@wallaabdallagas