لكل إنسان منا شغفه الخاص، والذي متى استثمر فيه وعمل على تنميته، متى استمتع بحياته وحظي بالازدهار والنجاح في مسارات عمله وحياته، فالشغف ها هنا ليس شيئا ثانويا على الإطلاق، بل هو الدافع لنا على الإبداع وتقديم أفضل ما لدينا من جهد وإتقان، وبدونه نصبح أشخاصا «عاديين» نمضي في أعمالنا يرافقنا ذلك الملل العتيد وما يترتب عليه من فقدان للإبداع وعدم قدرة على العطاء وتقديم الأفضل.
كثيرون مثلك تماما ربما يجهلون شغفهم ولا يعرفونه، ولكي تكتشف شغفك وتتحقق منه، اسأل نفسك ما هي المواضيع التي تستمتع بالبحث فيها أو العمل عليها؟ ما هي الأشياء التي تحب الحديث عنها؟ ما هي مجالات اهتمامك المفضلة؟ كل هذه أسئلة تساعدك في الوصول على الأقل إلى احتمالات وتصور عام حول الأشياء التي أنت شغوف بها.
في إحدى الروايات التي طالعتها مؤخرا استوقفني معنى جميل حول الشغف، «كل إنسان منا لديه شغفه الخاص، ويمارسه بين الحين والآخر، في خياله في أحلامه في واقعه، لكنه -ربما- لا يدرك أنه شغفه»، من هنا فليس ثمة أحد دون شغف، الجميع يحمل في نفسه حبا لمجال بعينه، حتى وإن لم يدرك ذلك.
مع الشغف أنت أمام شخص آخر مقبل على الحياة، شخص يحب ما يعمل، وينشر السعادة من حوله، ويؤدي واجباته نحو عمله ومجاله بكل إجادة وإبداع ممكن، فالشغف هو ذلك السحر الذي ينمو به الفضول، وتتلاشى معه كل عوارض الكلل أو الملل، ويصبح الإنسان بجواره كريشة تحلق بخفة وجمال في سماوات الإنجاز والنجاح.
إن كل عمل نمارسه دون أن نحمل في داخلنا شغفا تجاهه، هو أمر قاتم يجب أن نتراجع عنه، فنحن أمام ضررين كبيرين حين نفعل ذلك، أولهما: وقت وعمر يضيع منا هباء في أمر لا نحبه، ثانيهما: تتضاءل مع هذا العمل الخالي من الشغف فرصتنا في تطوير ذاتنا وقطع أشواط جديدة على طريق تخصصنا، إنه حقا لشعور قاس أن نمضي معظم يومنا في عمل ومجال لا نحبه!
الشغف الحقيقي بالأشياء يحثنا نحو مزيد من التأهيل والتعلم وتنمية الذات، فمن غير المناسب أن يمتلك أحدهم شغفا تجاه مجال بعينه دون أن يمتلك المقومات الأساسية للمضي فيه قدما، دون أن يكون ملما بالأدوات التي تمكنه من الإبحار في محيطه، لذلك حري بمن يمتلك شغفا تجاه شيء، أن يمتلك بجواره العلم والأدوات اللازمة للتفوق والتقدم للأمام، فعبر هذين الأمرين أنت أقرب ما يكون للإنجاز والسعادة.
@waadalmadaaj