تساءل موقع «بروجيكت سينديكيت» عما إذا كانت إجراءات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأخيرة ستخنق أمريكا اللاتينية مرة أخرى.
وبحسب مقال لـ«ارنستو تالفي»، في ثمانينيات القرن الماضي، أدت الزيادات الهائلة في أسعار الفائدة الفيدرالية إلى عقد ضائع من النمو الاقتصادي في بلدان أمريكا اللاتينية المثقلة بالديون.
ذكريات سيئة
مضى يقول: بعد 35 عامًا من مغادرة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السابق بول فولكر منصبه، وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات من وفاته، لا يزال مجرد ذكر اسمه يثير الرعشة لدى الأمريكيين اللاتينيين الذين يتذكرون الدمار الاقتصادي الناجم عن معركته ضد التضخم الجامح، في الثمانينيات.
وأضاف: مع اقتراب التضخم في الولايات المتحدة من أعلى مستوياته في 40 عامًا، عند 8.3% في أغسطس، أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مؤخرًا إلى التزام صانعي السياسة برفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، مما دفع الكثيرين إلى التساؤل عما إذا كانت أمريكا اللاتينية محصنة بشكل كاف في مواجهة الأضرار الاقتصادية الجانبية مثل تلك التي تسبب فيها فولكر.
وأوضح أنه في أوائل الثمانينيات نجحت الإجراءات الصارمة التي اتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي في ترويض التضخم.
وأردف: لكن انتصار بنك الاحتياطي الفيدرالي كلف أمريكا اللاتينية ثمناً باهظاً، وذلك بفضل الضربة الرباعية لارتفاع أسعار الفائدة والركود في الولايات المتحدة، وارتفاع قيمة الدولار، وانخفاض أسعار السلع الأساسية.
وأشار إلى أن المديونية المفرطة، والتخلف عن سداد الديون السيادية، كانت عوامل تسببت في عقد ضائع من النمو السلبي في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وسقوط أكثر من 20 مليون شخص في براثن الفقر المدقع في أمريكا اللاتينية.
اختلاف الظروف
ومضى الكاتب يقول: بدأت المنطقة في الانتعاش فقط في عام 1989، بعد إعادة هيكلة ضخمة للديون الخارجية روج لها وزير الخزانة الأمريكي آنذاك نيكولاس برادي.
واستطرد: بطبيعة الحال، لم يكن العقد الضائع في أمريكا اللاتينية من صنع بنك الاحتياطي الفيدرالي وحده، ارتفع الدين الخارجي بين دول المنطقة بشكل كبير منذ منتصف السبعينيات، بسبب قيام البنوك العالمية بإعادة تدوير دولارات البترول في أعقاب الزيادة في أسعار النفط بأربعة أضعاف في عام 1973.
وأضاف: اليوم، فإن نسبة الديون الخارجية إلى الصادرات في أمريكا اللاتينية مطابقة لمستوى عام 1980، لكن القلق بشأن السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي لا أساس له من الصحة، بسبب نقاط ضعف الاقتصاد الأمريكي في هذا الصدد.
ويختم بالقول: في حين أن إجمالي ديون الأسر والشركات والحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة كان يعادل 100% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1980، فإن هذه النسبة اليوم تبلغ 220%.