تولّي حكومة المملكة الحجاج والمعتمرين أكبر اهتمام، ساعية دومًا لتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم على أكمل وجه، مع وضع أمنهم وسلامتهم أولوية.
وتتضافر جهود جميع الجهات والوزارات على مدار العام، ولا سيّما خلال موسم الحج لرعاية الحرمين الشريفين، متابعة نهجها في ذلك منذ عقود.
مشاريع توسعة الحرم المكي الشريف
انطلقت مشاريع توسعة الحرم المكي الشريف في العصر الحديث منذ عام 1344هـ، عندما أمر الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- بصيانة المسجد الحرام وإصلاحه.
وفي مستهل عام 1373 هـ أُدخلت الكهرباء وأضيء المسجد الحرام بالكامل، ووُضعت فيه المراوح الكهربائية.
واتسعت مساحة الحرم المكي الشريف في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد -رحمهم الله- مع استمرار عمليات التوسعة والتطوير، لتصبح مساحة الحرم 193 ألف متر مربع، وتبلغ طاقته الاستيعابية قرابة 400 ألف مصلٍ.
وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- في سبتمبر 1988 حجر الأساس لأكبر توسعة للحرم المكي في حينها، والتي شملت إضافة جزء جديد إلى المسجد من الناحية الغربية، والاستفادة من السطح العلوي للمسجد، لتصل مساحته إلى 61 ألف متر مربع، وإجمالي القدرة الاستيعابية للحرم 1.5 مليون مصلّ، كذلك بنيت مئذنتان جديدتان ليصبح إجمالي عدد المآذن وقتها 9 مآذن بارتفاع 89 مترًا للمئذنة.
وبتزايد أعداد زوار بيت الله الحرام أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- بالبدء في مشروع توسعة جديد يهدف إلى إحداث أكبر توسعة للحرم المكي الشريف، شملت تطوير الحرم في مختلف النواحي العمرانية والفنية والأمنية.
مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد الحرام
أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - اهتمامًا كبيرًا بحجّاج ومعتمري بيت الله الحرام من خلال استكمال أعمال توسعة المسجد الحرام بمعايير عالية تُحقّق سبل الراحة والطمأنينة لهم.
ففي حج عام 1437هـ، صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بالاستفادة من المواقع الجاهزة بمبنى التوسعة والساحات الخارجية الشمالية والغربية والجنوبية وأجزاء من الساحات الشرقية بمشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد الحرام والعناصر المرتبطة بها.
وشملت التوجيهات الكريمة الاستفادة من جميع الأدوار بمشروع خادم الحرمين الشريفين، ليصل استيعاب المسجد الحرام إلى مليون و850 ألف مصلّ، والطاقة الاستيعابية للمطاف تصل إلى 107 آلاف طائف في الساعة.
وأمنت الخدمات الضرورية لتوفير الراحة لضيوف الرحمن وتجهيز دورات المياه والمواضيء، ليصبح العدد الإجمالي لها 16 ألفًا و300 دورة مياه وميضأة، مع توفير مشارب مياه مبردة داخل مبنى التوسعة والمطاف وفي الساحات الخارجية، وتشغيل السلالم والمصاعد الكهربائية لخدمة الحركة الرأسية ما بين أدوار المسجد الحرام، وتشغيل نظام التكييف والإنارة ونظام الصوت والمراقبة التليفزيونية وأنظمة مكافحة الحريق.
وتضمَّنت التوجيهات فتح باب الملك عبد العزيز وباب أجياد وباب إسماعيل وباب الفتح وباب العمرة، والاستفادة من 3 مناسيب من مباني الخدمات "المصاطب" المطلة على الساحات الشمالية وأنفاق المشاة المؤدية إلى منطقة جرول، بما فيها الأنفاق العرضية للمساعدة على وصول المعتمرين والمصلين إلى الحرم المكي الشريف أو انصرافهم منه، وهي الأنفاق التي تربط بين المنطقة الشمالية لمكة المكرمة والتوسعة المباركة.
ولتعظيم الفائدة من تلك الإجراءات جرى تشغيل الطريق الدائري الأوّل بمكة المكرمة بعد أن الانتهاء من تنفيذه.
التوسعة السعودية الثالثة الكبرى للمسجد الحرام
شملت مشروعات التوسعة السعودية الثالثة الكبرى للمسجد الحرام عددًا من المكونات الرئيسية.
وتضمَّنت تلك المكونات مبنى التوسعة الرئيسي للمسجد الحرام، وتوسعة المسعى الذي افتُتح سابقًا، وتوسعة المطاف والساحات الخارجية والجسور والمساطب، ومجمع مباني الخدمات المركزية، ونفق الخدمات والمباني الأمنية، والمستشفى، وأنفاق المشاة، ومحطات النقل والجسور المؤدية إلى الحرم، والطريق الدائري الأول المحيط بمنطقة المسجد الحرام والبنية التحتية وتشمل محطات الكهرباء وخزانات المياه وتصريف السيول.
مشاريع توسعة المسجد النبوي
يمثّل الاهتمام بالحرمين الشريفين وقاصديهما أولوية قصوى لدى ولاة الأمر في المملكة، منذ عهد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- مرورًا بأبنائه الملوك البررة -رحمهم الله- وصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله.
ويجسّد الاهتمام واقع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الذي يلمسه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها في مواسم العمرة والحج كل عام.
وقد زادت المشروعات التي أقامتها المملكة لتوسعة الحرمين الشريفين وتطوير المشاعر المقدسة مع إطلاق رؤية المملكة 2030، التي أكدت فخر المملكة بخدمة الحرمين الشريفين بوصفها قبلة المسلمين، والعمق العربي والإسلامي.
وهدفت المشروعات إلى إتاحة الفرصة لأكبر عدد من المسلمين ليؤدوا مناسكهم في راحة ويسر، وتضاعفت على إثرها الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام والمسجد النبوي، بما يتناسب وزيادة أعداد الحجاج والمعتمرين والزوار في كل عام.
وتجسد متابعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- للمشروعات الكبرى لتوسعة المسجد النبوي الشريف وتطوير وتحسين المناطق المجاورة وزياراتهما المتوالية لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مدى حرص القيادة الرشيدة على تحقيق كل ما يمكن ضيوف الرحمن من أداء نسكهم وعباداتهم بكل يسر وسهولة وراحة واطمئنان.
وتمثّل حرص القيادة الرشيدة توفير الرعاية الشاملة لضيوف الرحمن وتسخير الإمكانات لتوفير أفضل الخدمات لقاصدي المسجد النبوي، ولأهالي مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم وزائريها.
وتعدّ المشروعات الحيوية الكبرى التي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -أيّده الله- بتشييدها في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة ومشروعات النقل العام، ومن أبرزها مشروع "قطار الحرمين السريع"، وتوسعة وتشغيل مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة شاهدًا على عنايته -رعاه الله- بكل ما يمكّن الحجاج والمعتمرين والزائرين من أداء مناسكهم بيسر وسهولة.
مراحل التوسعة في المسجد النبوي الشريف
جرت في عهد الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- عدة إصلاحات للمسجد النبوي الشريف، ففي سنة 1365هـ وبعد تصدّع في بعض العقود الشمالية من المسجد، وتفتت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل لافت للنظر، صدر أمر الملك بعد دراسة المشروع بإجراء العمارة والتوسعة للمسجد, وصرف ما يحتاج إليه المشروع من نفقات دون قيدٍ أو شرط مع توسيع الطرق حوله، وأعلن الملك في خطاب رسمي سنة 1368هـ عزمه توسعة المسجد النبوي الشريف وبدء المشروع, وفي سنة 1370هـ بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف.
انتهت العمارة والتوسعة في سنة 1375هـ ، في عهد جلالة الملك سعود بن عبد العزيز -رحمه الله- وكانت بالأسمنت المسلح، ونتج عن هذه التوسعة أن أُضيف إلى مسطح المسجد 6033 مترًا مربعًا, واحتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو، ليصبح مجمل العمارة السعودية 12 ألفًا و271 مترًا مربعًا.
وأقيمت التوسعة كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة عبارة عن أعمدة تحمل عقودًا مدببة، كما قُسم السقف إلى مسطحات مربعة شُكلت على نمط الأسقف الخشبية، أما المآذن فقد بلغ ارتفاعها 72 مترًا، تتكون كل واحدة من 4 طوابق تناسقت في شكلها مع المنائر القديمة للمسجد.
كما حُليّت جدران المسجد بنوافذ جميلة وجُعل للمسجد صحنان مفصولان برواق بدلًا من واحد، وجرت تغطية أرضية المسجد بالرخام وأصبح للمسجد النبوي الشريف 10 أبواب.
أما في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- ولتزايد الأعداد الوافدة للمسجد النبوي خاصة في موسم الحج، فقد أصدر أمرًا بتوسعة المسجد النبوي الشريف، وكانت التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط.
وتمثّلت التوسعة -سنة 1395هـ - في إضافة 35 ألف متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف، ولم تتناول عمارة المسجد نفسها بل جُهزت تلك المساحة لإقامة مصلّى كبير ومظلل يتّسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد، ثم أضيفت مساحة 5550 مترًا مربعًا، وظُللت كذلك ما أتاح المجال لاسـتيعاب أعداد أكثر من المصلين.
وفي عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- نشب حريق في سوق القماشة سنة 1397هـ في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف، وجرت إزالة المنطقة وتسوية أرضيتها، وتعويض أصحاب الدور والعقار، وإضافة المنطقة لمساحة المسجد لتبلغ 43 ألف متر مربع، وهو ميدان فسيح مظلل، أُضيف إلى أرض المسجد النبوي ولم تتناول عمارة المسجد.
واستمر الاهتمام بالمسجد النبوي في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- الذي أمر بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للمسجد النبوي الشريف.
مشروع التوسعة للمسجد النبوي
في سنة 1405هـ وُضع حجر الأساس لمشروع التوسعة للمسجد النبوي، وتضمن مشروع التوسعة وعمارته إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحاليّ يُحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 82 ألف متر مربع، يستوعب 167 ألف مصلّ.
وبذلك تصبح المساحة الإجمالية للمسجد النبوي الشريف 98 ألفًا و500 متر مربع، كما جرت تغطية سطح التوسعة بالرخام والمقدرة مساحته بـ 67 ألف متر مربع، ليستوعب 90 ألف مصلّ، ويسع المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة أكثر من 257 ألف مصلّ ضمن مساحة إجمالية تبلغ 165 ألفًا و500 متر مربع.
وتضمَّنت أعمال التوسعة إنشاء دور سفلي "بدروم" بمساحة الدور الأرضي للتوسعة؛ لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى.
واشتمل المشروع على إحاطة المسجد النبوي الشريف بساحات تبلغ مساحاتها 23 ألف متر مربع، تُغطى أرضيتها بالرخام والجرانيت وفق أشكال هندسية بطُرز إسلامية متعدّدة، خُصص منها 135 ألف متر مربع للصلاة، ويستوعب 250 ألف مصلّ ويمكن أن يزيد عدد المصلين إلى 400 ألف مصلٍ في حالة استخدام كامل مساحة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف.
وجعل المشروع الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به تزيد على 650 ألف مصل، لتصل إلى مليون مصلٍ في أوقات الذروة، إذ تضم الساحات مداخل للمواضئ، وأماكن لاستراحة الزوار تتصل بمواقف السيارات التي توجد في دورين تحت الأرض, وخصّصت هذه الساحات للمشاة، وتضاء بوحدات إضاءة خاصة مثبتة على 120 عامود رخام.
وتضمَّن المشروع إقامة 12 مظلة ضخمة في منطقة الحصوات المكشوفة التي تقع بين المسجد القديم والتوسعة السعودية الأولى، فشيدت المظلات بنفس ارتفاع السقف لتظلل كلٌّ منها مساحة 306 أمتار مربعة، يجري فتحها وغلقها أوتوماتيكيًا، لحماية المصلين من وهج الشمس ومياه الأمطار والاستفادة من الجو الطبيعي.
أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف على مدى التاريخ
وفي عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- دُشنت أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف على مدى التاريخ، إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها، وهي من المشاريع العملاقة، لتصل طاقة المسجد النبوي الاستيعابية بموجبها إلى مليوني مصلٍّ.
وشيّدت ضمن مشروع المظلات 436 مروحة رذاذ لتلطيف الأجواء، جرى تركيبها على 250 مظلة، في واحدة من أبهى صور العناية والخدمة التي تجسّد العناية والرعاية لمرتادي المسجد النبوي الشريف.
ويحتضن المسجد النبوي "الروضة الشريفة" التي تقع غربي الحجرة النبوية مباشرة، وتمتدّ إلى المنبر، وتبلغ مساحة الروضة نحو 330 مترًا مربعًا، وتبلغ أبعادها 22 مترًا من الشرق إلى الغرب، و 15 مترًا من الشمال إلى الجنوب، وتضم الروضة المحراب النبوي الذي يقع في الجزء الغربي منها يفصله عن المنبر مسافة 7 أمتار تقريبًا.
ويحدّ الروضة من الجنوب سياج من النحاس يفصلها عن زيادتي عمر وعثمان -رضي الله عنهما- أما من الجهتين الشمالية والغربية فهي متصلة ببقية أجزاء المسجد.
ويميّز الروضة عن باقي مساحة المسجد أعمدتها المكسوة بالرخام الأبيض الموشّى بماء الذهب إلى ارتفاع مترين تقريبًا، وتقع إلى الناحية الشرقية من الروضة الشريفة حجرة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- ومن الغرب المنبر الشريف، ومن الجنوب جدار المسجد الذي به محراب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الشمال الخط المار شرقًا من نهاية بيت السيدة عائشة -رضي الله عنها- إلى المنبر غربًا.
مشعر منى
يحتضن مشعر منى ضيوف الرحمن الذين قدموا إليه لأداء مناسك الحج على مدى أربعة أيام، تبدأ بيوم التروية وتنتهي بأيام التشريق الثلاثة.
مدينة الخيام
يحتضن المشعر مشروع أكبر مدينة للخيام في العالم، إذ تستقبل الملايين من حجاج بيت الله الحرام على مدى 4 أيام.
ونفّذ المشروع على مساحة تقدر بمليونين و500 ألف متر مربع، وفق مواصفات تحقق مزيدًا من الأمن والسلامة للحجاج، لتستوعب نحو مليونين و600 ألف حاج.
واستُخدمت في صناعة الخيام أنسجة زجاجية مغطاة بمادة "التفلون"، لمقاومتها العالية للاشتعال وعدم انبعاث الغازات السامة منها، إلا في درجات حرارة عالية، وقسّمت كل قطعة أرض إلى مخيمات عدّة، تحدها أسوار، مرتبطة ببعضها بممرات متناسقة، مشتملة على الخدمات العامة، إذ وفرت في وسط المخيم مجموعة من دورات المياه وأماكن الوضوء.
جسر الجمرات
بُنى أول جسر للحجاج في عام 1975م، والذي وفّر للحجاج منفذًا على دورين، الدور الأرضي وهو الأول والدور الثاني يمثل الجسر، ومع زيادة أعداد الحجاج والحشود، ضاق الجسر بالعدد الهائل من الحجاج رغم التعديلات التي جرت في حينها.
ورغبة من حكومة خادم الحرمين الشريفين في إيجاد الحلول العاجلة لها، هُدم الجسر بعد أداء مناسك الحج عام 2006م، وبُنيت منشأة جديدة للجمرات متعدد المستويات.
وتعتبر المنشأة أحد أبرز المشروعات الاستراتيجية التي نفّذت لراحة ضيوف الرحمن في مشعر منى، وتوفير الأمن والسلامة لهم، وتجنيبهم مخاطر الزحام الشديد عند رمي الجمرات.
بلغت تكلفة المشروع أكثر من 4 مليارات و200 مليون ريال، بطاقة استيعابية تبلغ 300 ألف حاج في الساعة، بطول 950 مترًا وعرض 80 مترًا، بأساسات قادرة على حمل 12 طابقًا، تتسع لحمل 5 ملايين حاج، حال دعت الحاجة إلى التوسع في المستقبل.
وتتكون المنشأة حاليًا من 5 طوابق، يبلغ ارتفاع الدور الواحد منها 12مترًا، وتتوافر بها جميع الخدمات المساندة، من أجل توفير الراحة لضيوف الرحمن، ونفق أرضي لنقل الحجاج، ليجري فصل حركة المركبات عن المشاة.
ويشتمل المشروع كذلك على 3 أنفاق أخرى، وأعمال إنشائية مع إمكانية التطوير المستقبلي، كما يشتمل على 11 مدخلاً للجمرات و12 مخرجا في الاتجاهات الأربعة، إضافة إلى أنه مزود بمهبط للطائرات المروحية لحالات الطوارئ.
وعلاوة على ذلك يحتوي المشروع على نظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوي، يضخ رذاذ الماء على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات، فيُسهم في خفض درجة الحرارة إلى نحو 29 درجة.
ويشمل مشروع منطقة الجمرات إضافة إلى الجسر، إعادة تنظيم المنطقة وتسهيل عملية الدخول إلى الجسر عبر توزيعها على 6 اتجاهات؛ 3 منها من الناحية الجنوبية، و3 من الناحية الشمالية، كما جرى تنظيم الساحات المحيطة بجسر الجمرات، لتفادي التجمعات بها، والسيطرة على ظاهرة الافتراش حول الجسر إلى جانب مسارات الحجاج.
ويضم المشروع أنفاقا لحركة المركبات تحت الأرض، لإعطاء مساحة أكبر للمشاة في منطقة الجسر، ومخارج للإخلاء عن طريق 6 أبراج للطوارئ، مرتبطة بالدور الأرضي والأنفاق ومهابط الطائرات.
وأسهم تصميم أحواض الجمرات والشواخص بطول 40 مترًا بشكل بيضاوي في تحسين الانسيابية وزيادة الطاقة الاستيعابية للجسر، ما ساعد على الحد من أحداث التدافع والازدحام بين الحجاج في أثناء أداء شعيرة رمي الجمرات.
حاز مشروع جسر الجمرات على جائزة أفضل مشروع من نوعه عالميًا من المنظمة العالمية للطرق.
مشعر عرفات
يملك مشعر عرفات، الذي هيأته حكومة خادم الحرمين الشريفين، لاستخدام الحجاج ليوم واحد فقط، بنية متكاملة من الخدمات في جميع القطاعات.
وهيّأت وزارة الصحة 4 مستشفيات إلى جانب 46 مركزًا صحيًا ومئات الفرق الطبية بمختلف تخصصاتها، وتضم المستشفيات مختلف التخصصات الطبية، كالجراحة العامة، وجراحة المخ، والأعصاب.
وتنقل الوزارة الحجاج المرضى طوال أيام الحج لأداء مناسكهم تحت رقابة صحية صارمة، لأداء مناسكهم في سيارات إسعاف مخصصة.
من جانبها، تقوم المديرية العامة للدفاع المدني بجهود مقدرة لمراقبة ومتابعة حركة الحجاج بجبل الرحمة ومسجد نمرة من خلال أبراج مجهزة بمشعر عرفات في كل زواياه.
وبعرفات أكبر مشروع بيئي، ممثل في 300 ألف شجرة "نيم" موزَّعة على صعيد عرفات، لحماية الحجاج من ضربات الشمس، ولترطيب الطقس الحار في الصيف، إلى جانب مئات الآلاف من رشاشات المياه، التي تخفض درجات الحرارة وتقي الحجاج من الغبار وضربات الشمس.
خدمات الحج: قطار المشاعر المقدسة
انطلق قطار المشاعر المقدسة عام 1431هـ، في أولى رحلاته بين (منى ومزدلفة فعرفات) مرورًا بجسر الجمرات، من المسار الأول عند المستوى الخامس لمنشأة الجمرات الحديثة بطاقة استيعابية تصل إلى 3 آلاف حاج، وصولًا عبر طريق الملك عبد العزيز إلى مشعر مزدلفة.
ودخلت بذلك خدمات الحج مرحلة جديدة بآليات ورؤية مستقبلية متطوّرة، إذ يربط المشاعر من عرفات ومزدلفة نزولًا عند الجمرات في حركة ترددية آلية دون سائق، وقدرة استيعابية عالية.
وينقل القطار 100 ألف حاج من جموع الحجيج في الساعة، خصوصًا في وقت النفرة من عرفات إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى، لينقل قرابة نصف مليون حاج خلال 6 ساعات فقط، في طاقة استيعابية تُوصف أنها الأعلى في العالم.
ويسير القطار على سكةٍ طولها 20 كيلومترًا، تنقسم إلى مسارين مرتفعين عن الأرض، ويقف في 9 محطات تتيح للحجاج الركوب والانتقال للمشعر الآخر، حيث يوجد في كل مشعر 3 محطات اختيارية يبلغ طول الواحدة منها 300 متر.
ويجري الوصول إلى المحطات عن طريق منحدرات للدخول والخروج منفصلة، بالإضافة إلى سلالم متحركة ومصاعد كهربائية، وتضم ساحات للانتظار بقدرة استيعابية تقدر بـ3 آلاف حاج.
ويعد مشروع قطار المشاعر من أضخم مشاريع النقل في المملكة بتكلفة تتجاوز 6 مليارات ريال و600 مليون ريال.
نبذة تاريخية عن الخدمات الصحية في الحج
في عام 1344هـ،وافق الملك عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه- على بلاغ مديرية الصحة العامة الذي تضمن تعليمات وتدابير صحية، تنفذها مصلحة الصحة العامة والجهات التي تقدم خدمات مباشرة للحجاج، وكان الأمير فيصل بن عبد العزيز، نائب الملك بالحجاز، مسؤولًا عن تطبيقها.
وفي العام ذاته، جرى تأسيس نقاط إسعاف في منى ومزدلفة وعرفات، وكانت نقطة مزدلفة تتكون من 6 خيام، و3 أزيار للماء، وما يلزم من أدوية وخدمة كافية، كما تأسَّست 3 مراكز إسعاف في عرفات، ويتألف كل مركز من 10 خيام، وطبيب مع الممرضين، والخدمة اللازمة و6 أسرّة.
وأصدرت الحكومة نظام مصلحة الصحة العامة والإسعاف سنة 1345هـ، الذي كان يحوي 111 مادة، وكان صدور هذا النظام نهضة حقيقية في تطوير الخدمات الصحية، وفي تنظيم إدارة الصحة وإصلاحها.
ثم بدأت المؤسسات الصحية تظهر إلى حيز الوجود، فأسست الحكومة مؤسسة الجراثيم في جدة سنة 1346هـ، وفتحت في مكة خمسة مستوصفات خلال الموسم، وأنشأت معملًا لصنع أقراص الكينا في مكة، كما أصدرت سنة 1349هـ نظام التطعيم ضد الجدري، ونظام استعمال المأمورين الصحيين.
وكان بمكة في عام 1350هـ 4 مراكز صحية متواضعة هي: مستشفى جياد، مستشفى ومستوصف القبان، مستوصف الشبيكة، مستوصف المعلاة، وفي أيام الحج يُنشأ على الطريق بين مكة ومنى وعرفات مركز المنحنى، الواقع بين البياضة ومنى، ومركز مجر الكبش في أول منى، ومستشفى منى، ومركز المجزرة بمنى، ومركز وادي النار قبل مزدلفة، ومركز مزدلفة، ومركز الأخشبين، ومركز البازان قبل عرفات، ومركز عرفات.
مراكز لإسعاف الحجاج
ولم تقتصر جهود الحكومة في إنشاء مراكز الصحة بمكة والمشاعر المقدسة، بل امتدت إلى الطرق ما بين مكة وجدة، وما بين مكة والمدينة المنورة؛ إذ أنشأت مركزًا في بحرة في منتصف الطريق بين مكة وجدّة سنة 1348هـ، لتقديم المعونة والإسعافات للحجاج الذين يأتون من جدة والمدينة مشاة وركبانًا، ويعتريهم في الطريق مرض أو تعب.
وأنشأت مستوصفًا صحيًا في رابغ وآخر في مسيجيد، قريبًا من المدينة المنورة، وأرسلت إليهما أطباء الصحة وموظفيها للعمل بهما. وفي سنة 1364هـ أقامت مديرية الصحة مراكز جديدة بمكة وجدّة، فأنشأت بمكة مستوصفًا في حي المعابدة والآخر في جرول، ومستوصفًا آخر في شارع الأمير فيصل بجدة للارتقاء بالمستوى الصحي في الحجاز.