يُروّج البعض لفكرة أن الزمالة في العمل يجب أن تكون شائكة، وأن الموظف عليه أن يُحيط نفسه بسياج عالية من الشك والريبة وعدم الثقة والقلق والإيمان بنظرية المؤامرة ضده في بيئة العمل! فترى بعض الموظفين يبدؤون رحلتهم العملية مؤمنين تمام الإيمان بأنهم يسيرون في حقل ألغام وليس في مكان آمن.
وبغض النظر عن سلامة أن تكون العلاقات في بيئة العمل رسمية، إلا أنه بمجرد أن يدرك الموظف أنه سيقضي مع هؤلاء الزملاء وقتاً يقارب الوقت، الذي يقضيه مع أهله وأصحابه، فإنه سيكون من القاتل أن يلتزم القلق والحذر طوال هذا الوقت بينهم، خاصة أن الرسمية في العلاقات لا تحتم الوصول لمثل هذا المنحدر الغريب من تطبيع الريبة في بيئة العمل؛ لأن الترويج بأن بيئات العمل مكان خطير للعلاقات الإنسانية الطبيعية والتآلف والمودة فكر دخيل على طبيعتنا الخليجية، والعربية عموماً، حيث إننا مجتمعات أصيلة بسيطة ندرك أن الثقة مُقدّمَة على الريبة في العلاقات الإنسانية، وأن القاعدة الصحيحة: الجميع جدير بالثقة حتى يثبت العكس، ولا يعني ذلك أن يكون الموظف ساذجاً أو نموذجاً سطحياً في بيئة العمل، بل يعني أن نعود لبساطتنا في قضاء يومياتنا دون تكلف أو تصنع أو شعور بترصد الجميع حولنا.
كما أن فكرة «مكان العمل للعمل فقط» فكرة بائسة موحشة جافة، يُصدّرها العالم الغربي المادي الذي يُصرّ على تحويل الإنسان إلى آلات مُسيّرة وتابعة لا عادات إنسانية لها ومملوءة بالخوف والشك والقناعة التامة بضرورة العزلة عن الزملاء، بل وفي أحيان كثيرة إقناع الموظف بأنه وبذهابه كل صباح إلى عمله هو في الحقيقة ذاهب إلى حرب لا بد فيها من منتصر!
ولا توجد حقيقة -ومن تجربة- ما يجعل الموظف يتردد في محاولة نسف هذه الترهات، التي يُعبئها البعض في عقول الآخرين باسم الحداثة والتطور، حيث يستطيع الذكي تحويل مكان عمله إلى فرصة لاكتساب علاقات عظيمة وتبادل تجارب عميقة وترك أثر طيب.
@maiashaq