@BaderOtaibi
نحتفل في هذه الأيام باليوم الوطني الـ92 لتوحيد المملكة العربية السعودية، في هذا اليوم تتجدد روح الانتماء للوطن والدار، تلك الروح التي تبث فينا، فتتحرر عزائمنا لمواصلة البناء بجد وإصرار على رفعة ونهضة وازدهار هذا البيت الكبير والملاذ الآمن والحضن الدافئ لكل مَن ينتمي إليه، أو يعيش على أرضه وتحت سمائه، والعمل على تبوُّء المملكة مكانتها، التي تستحق في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، والبناء على ما حققته بلادنا من تنمية شاملة.
لقد عشنا، وعاش آباؤنا رحلة بناء وازدهار شهدت العديد من مراحل النمو الحضاري والتطور العمراني، والتقدم الواضح في كل المجالات الاقتصادية، والثقافية، والرقمية، وغيرها من المجالات التي كان محورها تطوير الإنسان، وذلك منذ إعلان توحيد البلاد قبل 92 عامًا وحتى دخولنا مرحلة رؤية المملكة 2030م، التي تهدف إلى أنّ تكون المملكة أنموذجًا رائدًا على جميع الأصعدة.
يتضح لنا هذا التقدم الهائل إذا ما عقدنا مقارنات بين ما كانت عليه المملكة قبل عدة عقود، فعلى سبيل المثال فيما يخص الإنتاج الصناعي، فقد سجل الناتج المحلي بالأسعار الثابتة للصناعات التحويلية عام 1974 مستوى 32 مليار ريال، هذا الرقم شهد نموًا كبيرًا، حيث ارتفع إجماليا إلى نحو 313 بليون ريال بنهاية عام 2019، وبلغ معدل النمو السنوي المركب للصناعات التحويلية خلال الفترة «1970 - 2019» نحو 5.2 %، وذلك في ظل ما حظيت به الصناعات التحويلية من دعم حكومي كبير تمثل في إنشاء صندوق التنمية الصناعية، وإقامة عدد من المدن الصناعية.
أيضًا، قفز عدد المصانع المنتجة في المملكة من 206 مصانع عام 1974م إلى 8391 مصنعًا خلال الربع الثالث 2021 برؤوس أموال تقارب 1.27 تريليون ريال، وبوجه عام، فإن معدل النمو الاقتصادي للمملكة العربية السعودية بلغ أعلى مستوياته في عشر سنوات. فالسعودية ضمن مجموعة الدول العشرين، التي تمثل الدول الأعضاء فيه، مجتمعةً، حوالي 80 % من الناتج الاقتصادي العالمي.
وسياسيًا، فإن للمملكة مكانتها العالمية بين مصاف الدول الكبرى، وهو أمر قائم على إنجازاتها الاقتصادية والسياسية والتنموية وغيرها من المشاركات الدولية، وأدوارها المحورية في السياسة الدولية، والتزامها بالمواثيق نحو إحلال الأمن والسلام والاستقرار الدولي، فضلًا عن مكانتها العربية والإسلامية.
لقد راهن قادة المملكة منذ توحيدها وحتى رؤية السعودية 2030 على بناء الإنسان كونه محور التنمية وهدفها، يحظى بناؤه بالاهتمام الأكبر بداية من التعليم، مرورًا بالتأهيل والتدريب والتثقيف ووصولًا إلى الترفيه، فوصل عدد الجامعات 43 جامعة حكومية وأهلية، و18 كلية تقنية للبنين والبنات موزعة على 16 مدينة في المملكة، واهتمت المملكة بالبحث العلمي ما جعلها تحتل المرتبة الأولى عربيًا، والـ 25 عالميًا في براءات الاختراع عام 2021، وصنفت أربع جامعات سعودية ضمن أفضل 100 جامعة عالمية تسجيلا لبراءات الاختراع في العام 2021، بحسب التقرير السنوي الصادر عن الأكاديمية الوطنية للمخترعين.
إن هذا النتاج، الذي نجني ثماره الآن، ليس وليد الصدفة ولا هبة من أحد، بل هو بعد فضل الله نتاج عمل مضنٍ امتد لعقود طويلة، وبتكاتف بين أبنائه، وتلاحم بين القيادة والشعب، وإيمان بمكانة بلادنا الكبيرة نجحنا في تجاوز ما واجهته الدولة السعودية من مختلف الظروف والمتغيرات الدولية والإقليمية، من حروب عسكرية واقتصادية وأوبئة، عصفت بالعديد من دول العالم، وستظل المملكة العربية السعودية محافظة على مكانتها العالية، وستظل ذكرى اليوم الوطني مجددة لروح الانتماء ولعزيمة بناء.