@wallaabdallagas
التقبل من المسائل النفسية، التي تشكل على الناس نظرا لاختلاط المفاهيم بين عملية التقبل والاستسلام، عملية التقبل التي جوهرها الرضا والتسليم، وتختلف عن المفهوم السلبي للهزيمة والاستسلام والعجز عن التغير.
التقبل من أهم الأسلحة النفسية، التي يجب استعمالها للحفاظ على السلام الداخلي وتقليل الرفض، المقاومة التي تغذي الصراعات النفسية، والتي تشكل بدورها جذر العديد من المشاكل النفسية من القلق والاكتئاب وغيرها.
يقوم التقبل على مشاعر الحياد، التي تعتبر من المشاعر المرتفعة بمقياس الوعي، حيث تنطلق مع الحياد التعددية، التي تقبل التنوع والاختلاف والارتقاء فوق الأضداد وتبتعد عن التعسفية في الأحكام، يقل القلق ويشيع الأمان في بيئة النفس الداخلية ويختفي الشعور بالتهديد، فتصبح أكثر انفتاحا وتقبلا للحياة ويشمل التقبل، تقبل الذات وتقبل أحداث الحياة وتقبل الآخر.
تقبل الذات يعني احتضان الظل (الجانب المظلم من الشخصية)، تقبل محتويات النفس وتناقضاتها أن تقبل أن بداخلك الخير والشر والنور والظلام بدون رفض أو مقاومة، يجب أن ندرك أن الرفض يعني التركيز والتركيز يعني تغذية وشحن الجانب المرفوض؛ لذلك يجب أن تعترف بوجوده وتتصالح معه وتتقبل بشريتك ونقصك ودوافعك البدائية، فأنت لست بحاجة للرفض أو القمع أو الإنكار وتقبل ما يصدر عنك من أخطاء والعمل على إصلاحها بدلا من إيهام النفس بطهر ملائكي مزيف، بذلك ستسمح لنفسك باختبار الواقع الصحي والتكيف الإيجابي.
يميل الفكر عادة إلى القطبية في تصنيف الأحداث إلى «جيد» و«سيئ»، فيعزل التفكير حدثا ويصنفه كما لو أن له وجودا مستقلا بذاته، فيتجزأ الواقع، هذه التجزئة هي وهم يصنعه العقل لأن كل ما في الحياة مترابط ومتداخل، لذلك من التقبل التسليم للخير المبطن في أحداث الحياة حتى تلك التي تحسبها سلبية بمقياسك العقلي مع الإدراك الواعي لسببية الأشياء، يجب أن ندرك أن كل ما يحصل من أحداث حولنا هو مرآة لما يدور داخلنا من أفكار ومعتقدات ومشاعر، إذن مقاومتك للأحداث غير منطقية لأنك جذبت كل هذه الأحداث باطنيا (بعقلك الباطن)، لذلك تعامل مع الحدث، الذي تعتبره سلبيا بشكلين للاستجابة إما الإصلاح لو كنت تستطيع ذلك وإما تقبله والتكيف معه، الاستجابة الأسوأ هي خيار رفض الأحداث وتصادمك معها؛ لأنه لن يحررك منها، بل يشحنها عاطفيا ويجعلها تتكاثف وتزيد في حياتك، فكل ما تقاتله تقويه وكل ما تقاومه يثابر ليبقى.
من التقبل أن نمتلك المرونة في تقبل الآخر واحترام اختلافه، فنحن قد نرفض الأفعال أو السلوكيات لكننا نقبل الآخرين، يجب أن نخفض اشتراطات قبولنا للآخر، ونمتلك اليقظة العقلية لتصفية الأفكار ونكبح الرغبة في التحكم بالآخرين وفرض وصايتنا الفكرية عليهم، ونتوقف مع التقييمات الظالمة وعن إصدار الأحكام على الآخرين، التفاعل مع الآخر عبر الإدانة والتجريم يعزز الإحساس بالانفصال بينك وبين الآخر، فتفقد إنسانيتك وتجذرك في هذه الحياة الواحدة، التي تشاركها مع كل البشر، كل التجربة البشرية قائمة على التطور والترقي المشاعري في مراحل الوعي، لذلك يجب أن تدرك أن كل علاقة أو حدث في حياتك الغاية منه تطورك بتشافي جزء من شخصيتك وارتقائك وتزكية نفسك.
ادعوك اليوم لتقبل وعاءك الذاتي بكل ما فيه، وتقبل مَن حولك والتسليم للإرادة الإلهية والتوقف عن مقاومة الأحداث والسماح لتيار الحياة أن يعبر من خلالك.