تعاظم دور قطاع الاتصالات في المملكة، ما أسهم في تطوير الاقتصاد وجودة الحياة، منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز -يرحمه الله- حتى يومنا الحاضر.
القطاع يعدّ من أهم ركائز رؤية المملكة 2030، والتحول لمجتمع حيوي، وطن طموح واقتصاد مزدهر.
وقد سلَّط مختصون تقنيون الضوء على رحلة قطاع التقنية والاتصالات، ومراحل نموه وتطوره، الذي كان محركًا رئيسيًا للتنمية الوطنية، حتى وصل إلى أعلى مستوى عالمي، بفضل الجهود الكبيرة، التي تُوليها المملكة لهذا القطاع الحيوي، والدفع به نحو مزيد من التقدم بما يخدم أهداف التنمية ويلبّي طموحات القطاعات الأخرى، وينعكس بشكل مباشر على جودة الحياة، ومستوى فاعلية أداء جميع الأجهزة.
التحول الرقمي محرك للتنمية وداعم للقطاعات الخدمية
أوضح الأستاذ المشارك في قسم تقنية المعلومات بجامعة الملك عبد العزيز، د. أحمد برناوي، أنه بالنظر إلى معطيات العصر، بات التحول الرقمي المحرك الرئيسي للتنمية، مع ازدياد الاعتماد على التقنيات الرقمية، ومن ثمَّ فإن تطور قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات يسهم بشكل أساسي في التنمية الوطنية، وتعزيز نمو القطاعات الاقتصادية والخدمية في المملكة.
وتابع برناوي، أنه قد ظهرت جليًا متانة قطاع الاتصالات في المملكة خلال جائحة كورونا، التي ألقت بظلالها على جميع قطاعات الحياة، نتيجة الاستجابة السريعة، والتخطيط لتسريع التحول الرقمي للأعمال والخدمات، وضمان استمرارية الأعمال، إذ جرى تدعيم وتعزيز التطبيقات الصحية الرقمية، التي سهلت تقديم أكثر من 2.2 مليون استشارة طبية عبر تطبيق «صحة» على سبيل المثال.
وكذلك أطلقت وزارة التعليم منصة «مدرستي»، الرقمية للتعليم عن بُعد، وبلغ عدد المستفيدين منها 5 ملايين طالب وطالبة، كما جرى تفعيل برنامج التعلم عن بُعد في الجامعات ليصل عدد الفصول الافتراضيـة إلى نحو 6 ملايين فصل.
وأضاف أنه جرى تمكين 360 ألف موظف حكومي من العمل عن بُعد.
وفي ما يخص برامج التحول الرقمي، فقد استمر قطاع الاتصالات في تقديم الدعم للجهات الحكومية لتطوير الأعمال والخدمات الرقمية، على أسس التوافق والتكامل التقني، ونشـر استخدام المنصات والخدمات المشتركة، التي يقدمها برنامج «يسر».
وعلى مستوى تطوير البنية التحتية استمر قطاع الاتصالات في زيادة رقعة شبكات الألياف الضوئية في المناطق والمدن الرئيسية.
السعوديون يفخرون بمنظومة الاتصالات ويعتمدون عليها
وفي مجال الموارد البشرية، فإن جهود القطاعات المعنية بتقنية المعلومات، تكللت بتدريب وتأهيل أكثر من 33 ألف مواطن ومواطنة.
وأردف برناوي: يحق للمواطن والمواطنة في المملكة في هذا اليوم العظيم، أن يفخر بمنظومة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية، التي يقع على عاتقها عديد من المسؤوليات ذات العلاقة المباشرة برفاهية وتحسين جودة الحياة، من خلال أرفع الخدمات وبأعلى المستويات والمقاييس العالمية.
وأضاف: واقع القطاع يُحقق نتائج ملموسة في حياة المواطن، والمستقبل صاغته الرؤية الطموح 2030، التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- إذ تبشر بقادم أكثر إشراقًا وطموحًا في هذا القطاع الذي يسهم بشكل فعَّال في تنفيذ برنامج التحول الوطني ومواءمة استراتيجيات تطور قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات مع برامج وأهداف الرؤية. 84 %
"توكَّلنا" يخدم 17 مليون مواطن ومقيم
ذكر مختص أمن المعلومات والاتصالات محمد عمدة، أن جائحة كورونا أكبر دليل على نجاح المملكة عالميًا، لتصبح نموذجًا يُحتذى به في الأزمات والتحول الرقمي، إذ أطلق تطبيق «توكلنا»، الذي يخدم أكثر من 17 مليون مواطن ومقيم، لتسجيل حالتهم الصحية، دون الحاجة إلى حمل أي وثائق لإثبات الحالة أو الهوية.
وأضاف: أصبحت جميع خدمات وزارة العدل، تقدم إلكترونيًا من وكالات وصكوك وغيرها، وجرى خلال 2020، تقديم أكثر من 25 مليون استشارة افتراضية لأكثر من 70 مليون موعد حُجزت عن طريق تطبيق «موعد»، ونتج عن ذلك، تقليل نسب الزيارات إلى الأطباء في المستشفيات، وانخفاض أوقات انتظار الاستشارات الطبية، من أشهر إلى أيام.
وأكد عمدة أن منجزات التحول الرقمي، دفعت المملكة للريادة في هذا المجال، ووصلت نسبة نضوج الخدمات الحكومة الإلكترونية إلى 84% عام 2021م بعد أن كانت 60% في 2017م، بحسـب مؤشر الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية «UN EGDI».
كما حلَّت المملكة في المرتبة الثانية بين دول مجموعة العشرين في تقرير التنافسية الرقمية من المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية.
واستطرد عمدة: منذ طفولتي، كنت على صلة بقطاع الاتصالات، إذ كان والدي يعمل في وزارة البرق والبريد والهاتف، ثم بعد ذلك، عند فصل الوزارة وإنشاء شركة مساهمة سعودية باسم شركة الاتصالات السعودية عام 1418هـ - 1997م، انتقل والدي للعمل بها، وعمل لدى شركة الاتصالات السعودية، ودرست هندسة كهربائية -تخصص إلكترونيات واتصالات- وتخرجت، وعملت منذ 2008م في هذا القطاع.
وتابع: معظم الخدمات الحكومية أصبحت اليوم إلكترونية، إذ يوجد أكثر من 5300 خدمة رقمية، و23 مليون مواطن ومقيم، يستخدمون منصة «أبشر»، وأصبحت الخدمات تنفذ في 3 دقائق بدلًا من 240 دقيقة.
رؤية المملكة 2030 تشكِّل خريطة تنمية قطاع الاتصالات
وأكد التقني مؤيد الشميري أن مناسبة اليوم الوطني الـ 92 تأخذنا إلى اهتمام المملكة منذ تأسيسها بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات الذي يعد من أقدم القطاعات الحكومية، وقد وفرت الإمكانات والخدمات اللازمة لرفع كفاءته، إلى أن وصل لمراحل متقدمة من التقنية والموثوقية، وأصبح الآن من أهم المصادر الداعمة للاقتصاد الوطني.
وتابع: لقد امتد اهتمام الدولة بقطاع الاتصالات إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- الذي أطلق عام 2016م رؤية المملكة 2030، التي تبنَّاها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وشكَّلت مضامينها خريطة واضحة لتنمية قطاع الاتصالات في المملكة بما يتوافق مع التطور المذهل، الذي يشهده العالم في ذلك القطاع.
وبخصوص محور الاقتصاد، قال الشميري: تطرقت رؤية المملكة 2030 إلى اهتمام الدولة بتنمية البنية التحتية الرقمية، إذ تُعد مُمكّنًا أساسيًا لبناء أنشطة صناعية متطورة، ولجذب المستثمرين، وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، وسجري العمل على تطوير البنية التحتية الخاصة بالاتصالات وتقنية المعلومات، خاصة تقنيات النطاق العريض عالي السرعة لزيادة نسبة التغطية في المدن وخارجها وتحسين جودة الاتصال، من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.