abdullaghannam@
الوطن يعني الحب والانتماء إليه بالفطرة الإنسانية، وهذا النوع من الحب لا يحتاج إلى تفسيرات ولا إلى شروح، هو شعور دائم تحمله بين جنبيك أينما رحلت أو ارتحلت. الوطن هو لنا دار وحضن، نتنفس هواه، ونعشق ترابه، ونعيش فيه ومعه. وصدق مصطفى صادق الرافعي حين قال: بلادي هواها في لساني وفي دمي... يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي. ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ... ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم.
اليوم الوطني يأتي ليس فقط للفرح وللسرور والبهجة، بل هو أيضا للتذكير بالانتماء والعمل من أجله. حب الوطن يكون على صور وأشكال متعددة من البذل والعمل، والعطاء والتضحيات. وأنه من الرائع أن نمدح ونتغنى بالوطن وللوطن، ولكن الأجمل حين تكون الأفعال تسابق الأقوال.
فأما في ميدان البذل فإن كل ما نقوم به من أعمال لهذا الكيان الشامخ مهما صغر أو كبر يصب في خانة ومصلحة الوطن. هو مسؤولية الجميع ولكل فرد نصيب منها، سواء في عمله أو منصبه أو وظيفته مهما علا شأنها أو انخفض، ومهما كبرت أو صغرت المهام الملقاة على العواتق، سواء كانت معلما مربيا أو مهندسا بانيا، أو طبيبا معالجا، أو موظفا نافعا، فكل منا ميسر لما خلق له، ونحن نعمل جميعا من أجل وحدة الوطن وتماسكه وتكاتفه. فبعضنا يكمل البعض الآخر في المجتمع. والوطن كالسفينة تسير بثبات وعزم حين يقوم كل منا بدوره ويؤدي واجبه.
وأما عن صور العطاء فهي تتضح في أولئك الذين يعملون بلا كلل ولا ملل في المجالات التطوعية والخيرية المختلفة، والتي تصب في مصلحة الوطن، ولا ينتظرون من أحد جزاء ولا شكورا إلا من أجل الله ثم الوطن، وهم يعملون في جد وصمت، ويقدمون الجهد والعمل على القول من أجل هذا البلاد التي غمرتنا بخيراتها وذلك بفضل الله ومنه. فالعمل التطوعي خير دليل على الحب والعطاء الصافي غير الشائب.
وأما في مجال التضحيات، فلابد أن نتذكر دائما وأبدا ما يقدمه جنودنا الأبطال والبواسل المرابطون على الحدود والثغور من بطولات وتضحيات كبرى وجسيمة من أجل نصرة الدين والدفاع عن الوطن، وحماية مقدساته ومقدراته، وتلك أثمن وأشرف تضحية، وقمة العطاء والوفاء. وسيكتب الله لهم الأجر والمثوبة إن شاء الله، وسيسطر لهم التاريخ أفعالهم الجسام، وتضحياتهم العظيمة التي كتبوها بأرواحهم ودمائهم.
ولابد من الإشارة إلى أن هذا اليوم الوطني يأتي ليذكرنا بأهمية اللحمة الوطنية، ويذكرنا بيوم الإعلان عن توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود -طيب الله ثراه- تحت مسمى «المملكة العربية السعودية» وكان ذلك يوم الخميس (21) جمادى الأولى (1351 هجري) الموافق (23) سبتمبر من عام (1932) ميلادي. ومنذ ذلك الحين والمملكة تشهد تطورا كبيرا على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وخلال عقود قصيرة تحولت المملكة من دولة صحراوية إلى دولة حديثة متطورة، ولها دور رئيسي على مستوى العالم، ولتصبح من ضمن مجموعة العشرين، وهي الدول الأقوى والأكبر اقتصاديا على مستوى العالم.
والسعودية اليوم تشهد تحولات كبرى في العديد من المجالات في ظل رؤية (2030)، والتي تعكس الإرادة القوية والعزيمة الواضحة في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.
يأتي اليوم الوطني ليتجدد فيه الحب والانتماء لمن (هي لنا دار) ووطن وأرض.