ماذا يعني أن تمتلك صك أرض؟ لا شك أنه لا يعني أنك تمتلك الورقة فحسب، فلو وجد من اعتدى على أرضك بأي شكل من أشكال التعدي فلن تكتف بالتلويح بالصك مع عدم مبالاتك بالاعتداء، أليس كذلك؟ بلى.. لأن الصك الذي بيدك إنما هو وثيقة تتجاوز ماهيتها الورقية إلى ما تمثله من ملكية، ولذلك حينما نلوح براية مملكتنا الحبيبة ودولتنا العزيزة وبلادنا المباركة المملكة العربية السعودية نستشعر مع هذا التلويح أن بلادنا الغالية العزيزة الحبيبة المباركة لها علينا أكثر من مجرد تفاعل لحظة، لنتفاعل ونفعل كل عوامل المحافظة عليها، وأول ما تجب علينا المحافظة عليه من ذلك المحافظة على أمنها، في كل بقعة منها، ومن كل قاطن فيها وضد كل مستهدف لها كائنا من كان، وإن المحافظة على أمنها هي الغاية الأولى والهدف الأسمى لمعنى وجود العلم، فاستتباب الأمن أهم من تحقيق أي مصلحة عامة أو خاصة أخرى، لأنه لا استقرار بلا أمن، ولا رخاء بلا أمن، بل قد تفقد ذات المواطنة إن فقد أمن ليحل التشريد والتهجير مكانها والعياذ بالله، ولذلك فتحقيق الأمن مطلب كل أمة، وغاية كل دولة على مر القرون، ولقد كانت أول دعوة لأبينا إبراهيم وهو في مكة عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم: (رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات)، فقدم عليه الصلاة والسلام نعمة الأمن على نعمة الرزق، لأنه لا يهنأ عيش بلا أمان، ولا يتلذذ الناس بالرزق مع وجود الخوف، بل لا يحصل الرزق مع وجود الخوف، ولو نظرنا نظرة اعتبار عاجلة على بلاد من حولنا، لرأينا بأم أعيننا ويقيننا كيف شاع فيها الظلم والفوضى حينما فقد الأمن وسلب منها، فغدا الناس فيها لا يأمنون على أرواحهم ولا على أعراضهم وممتلكاتهم، ولذلك فمن أوجب حقوق المواطنة الحقة علينا: المحافظة على أمن البلاد، وإن من أهم أسباب حفظ الأمن تحقيق قول الله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) لنعلم يقينا أن علينا أن نمضي قدما نحو تحقيق ما تحمله راية التوحيد من إخلاص العبودية لله واتباع أوامره واجتناب نواهيه على هدى من كتابه وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ومنهج السلف الصالح، ليتحقق لنا الوعد الحق في قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) ثم لنعلم أن من أهم مقومات المحافظة على الأمن اجتماع الكلمة ووحدة الصف، وتحققهما بالسمع والطاعة لولاة الأمر في مرضاة الله، قال الله جل وعلا: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ويقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة»، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية»، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية»، فطاعة ولاة الأمور والالتفاف حولهم من أسباب قوة المجتمع ووحدة صفه واجتماع كلمته، وفي تحقق كل ذلك استدامة للأمن العام والخاص على الدماء والأموال والأعراض، ومن أجل ذلك كان لزاما علينا في هذه البلاد المباركة أن نكون يدا واحدة مع ولاة أمورنا -حفظهم الله وسددهم- في إقامة شرع الله والسمع والطاعة وحفظ أمن البلاد، وإبعاد كل شر عنها، لنغدو حينما نلوح بالراية الغالية ونرفعها متمثلين أن يكون ذلك منا شعارا لما تعتمره قلوبنا من حب لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- ودينه ولولاة أمرنا ولكل ما فيه جلب الخير لبلادنا، التي حضنت القاصي والداني بعز وإكرام وجعلت خدمة الدين شعار الملك ولقبه أدام الله عزه ومجده، ولنتذكر ونشكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا»، فاللهم أدم علينا أمننا وإيماننا وسلمنا وإسلامنا واحفظ اللهم لنا ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ووفقهما وإيانا جميعا لما تحبه وترضاه.
المدير العام «السابق» لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمنطقة الشرقية