مازلت العملة البريطانية، الجنيه الاسترليني مستمرة في الهبوط حتى بعد أن وصل سعر صرف الاسترليني إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من 37 عاماً، وتراجعت قيمة العملة الإنجليزية إلى مستوى 1.13 دولار للجنيه و1.14 يورو للجنيه يوم الجمعة الماضي، لتقترب لأول مرة في التاريخ من التساوي بالدولار.
وانخفض الجنيه الإسترليني، صباح اليوم الاثنين، بحوالي 5%مقابل الدولار، ليصل إلى 1.0327 دولار، وهو أضعف مستوى في تاريخه، قبل أن يسترد بعض مكاسبه في منتصف اليوم مسجلا حوالي 1.0719 دولار.
فقد 20% من قيمته
وفقد الجنيه الاسترليني نحو 20% من قيمته أمام الدولار هذا العام، و أكثر من 3% من قيمته أمام اليورو، لإن اليورو أيضاً يهبط أمام الدولار باستمرار منذ فترة.
وبالرغم من أن أسعار كل العملات الرئيسية في العالم تتراجع مقابل الدولار بسبب الارتفاع في سعر صرف العملة الأميركية نتيجة رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بوتيرة أسرع وبشكل أكبر من بقية البنوك المركزية، إلا أن هبوط الجنيه الاسترليني أمام اليورو أيضاً يشير إلى أن إقبال المتعاملين على التخلص من الاسترليني يعود كذلك إلى مخاوف كبيرة بشأن الاقتصاد البريطاني ذاته.
ولهذا فإن السبب ليس ارتفاع الدولار فقط، ولكن الحقيقة أن المتعاملين يبيعون الاسترليني بسبب التقدير السلبي لتوقعات الاقتصاد البريطاني وتراجع ثقة المستثمرين فيه، وفقًا لتصريحات مديرة الاستثمار في "إنتراكتيف إنفستور" فيكتوريا شولار لصحيفة "فاينانشال تايمز".
تخفيضات ضريبية
فيما أرجع المحللين هذا الانخفاض إلى إعلان الحكومة البريطانية الجديدة الأسبوع الماضي أنها ستنفذ تخفيضات ضريبية وحوافز استثمارية لتعزيز النمو، لأن هذه الإجراءات الاقتصادية ستفيد الأثرياء بشكل غير متناسب وقد تؤدي إلى تحمل المملكة المتحدة مستويات عالية من الديون في وقت ترتفع فيه أسعار الفائدة.
وأعلن وزير المالية البريطاني، كواسي كوارتنغ، عن خطة اقتصادية لدعم فواتير الطاقة للأسر والشركات، تتضمن حزمة إجراءات ضريبية لخفض الضرائب على الشركات وإلغاء أعلى معدل لضريبة الدخل في البلاد، بالإضافة إلى إلغاء الزيادة المخططة لضرائب الشركات، وتكلف هذه الخطة الحكومة نحو 60 مليار جنيه إسترليني سيتم تمويلها من الديون.
مزيد من الانكماش
وأعلنت الحكومة البريطانية، هذه الخطة الاقتصادية بعد يوم واحد من قرار بنك إنجلترا المركزي بزيادة الفائدة 50 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي بهذا المقدار، والمرة السابعة على التوالي لرفع الفائدة منذ ديسمبر، في أطول سلسلة من الارتفاعات للفائدة لم تشهدها إنجلترا منذ الأربعاء الأسود قبل 30 عاما.
ولا يعود هبوط قيمة الاسترليني إلى السياسة النقدية فقط، بل هناك عوامل أخرى تتعلق بالوضع الاقتصادي البريطاني تضغط على العملة نزولاً، مثل مؤشرات الاقتصاد المتراجعة في الآونة الأخيرة، فأحدث الأرقام حول النشاط الصناعي ومبيعات التجزئة في بريطانيا تشير إلى استمرار التراجع، ما جعل المستثمرين يقدرون أن معدلات التضخم وارتفاع كلفة المعيشة سيقودان إلى مزيد من الانكماش في الاقتصاد، وبحسب تقديرات بنك إنجلترا فإن الاقتصاد البريطاني سينكمش بنسبة 0.1% في الربع الثالث.
