سياسة التشديد النقدي التي يتخذها الفيدرالي الأمريكي لكبح التضخم، جاءت مفيدة بالفعل للسوق الأمريكية، حيث وصل مؤشر الدولار أمس الاثنين أعلى مستوى له خلال عقدين، ولكن هذه السياسة جعلت باقي الدول تعاني، فمثلا سجل الجنيه الإسترليني أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الدولار.
وحذر محللون بنك مورجان ستانلي، من أن الارتفاعات المتتالية للدولار تخلق وضعًا صعبًا للأصول ذات المخاطر العالية والتي يمكن أن تنتهي بأزمة مالية أو اقتصادية.
وأضاف البنك أن أدنى مستويات للأسهم سيحددها على الأرجح مسار نمو الأرباح والاقتصاد، وليس التضخم" أو رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة، حيث ستتسبب ضغوط ارتفاع الدولار في دفع المؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى مستوى منخفض جديد بين 3000 و3400 نقطة بحلول أوائل عام 2023.
وخلال العام الجاري، رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة 5 مرات، وسط توقعات بزيادتين في نوفمبر، وديسمبر 2022، بمقدار 1.25% في المرتين معا.
انهيار باقي العملات
وتؤثر هذه الزيادات في أسعار الفائدة على قيمة الدولار، ما يسبب اضطربا اقتصاديًا في العالم كله، وهو ما يتسبب في تغذية التضخم الحاد في باقي دول العالم، فبعدما لامس الجنيه الاستريلني مستوى قياسيا منخفضا، قامت الصين، بتثبيت اليوان عند أدنى مستوى له في عامين، بينما تتخذ خطوات لإدارة انخفاضه.
ووصلت قيمة الين الياباني أمام الدولار إلى أدنى مستوياتها منذ عقود؛ ووصل اليورو، الذي تستخدمه 19 دولة في جميع أنحاء أوروبا، إلى تعادل 1 إلى 1 مع الدولار في يونيو للمرة الأولى منذ عام 2002.
ويفسر المحللون هذه الموجة من ارتفاع الدولار، أن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين من خلال ضمان عائد أفضل؛ وهذا بدوره يعني أنهم يستثمرون أقل في الأسواق الناشئة، مما يفرض مزيدا من الضغوط على تلك الاقتصادات.
ولأن الولايات المتحدة هي أكبر اقتصاد في العالم وتمتلك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي، إضافة إلى استخدام الدولار كعملة الاحتياطية في العالم، فإن أسعار الطاقة والغذاء سترتفع أسعارها بالنسبة لباقي الدول التي ستضطر لدفع مبالغ أكبر بالعملات المحلية للحصول على السلع، كما أن ارتفاع الدولار سيزيد نت تكلفة الديون المستحقة على الدول النامية، حيث أن ما يقرب من 40% من المعاملات في العالم تتم بالدولار الأمريكي.