أثارت سلسلة من التسريبات غير العادية على خطي أنابيب للغاز الطبيعي (نورد ستريم 1 و2) يمتدان من روسيا جنوب بحر البلطيق إلى ألمانيا مخاوف بشأن عمليات التخريب.
ألقت التسريبات بظلالها على افتتاح خط الأنابيب الذي طال انتظاره والذي سيجلب الغاز النرويجي إلى بولندا في محاولة لتعزيز استقلال أوروبا في مجال الطاقة عن الإمدادات الروسية.
هل التسريبات عمل تخريبي؟
وصف رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي التسريبات بأنها "عمل تخريبي"، في حين قالت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن إنها لا تستطيع استبعادها بعد اكتشاف 3 تسريبات خلال اليوم الماضي على خطي أنابيب نورد ستريم 1 و 2.
وأوقفت أزمة الطاقة بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا التدفقات على نورد ستريم 1 ومنعتهم من البدء في نورد ستريم 2 الموازي.
وفتح فريدريكسن موراويكي ورئيس بولندا أندريه دودا، صماما رمزيا لأنبوب أصفر ينتمي إلى أنابيب البلطيق، وهو نظام جديد ينقل الغاز النرويجي عبر الدنمارك وبحر البلطيق إلى بولندا.
The Danish military published footage from the site of the leak on Nord Stream. pic.twitter.com/OgoXeWPDSF— NEXTA (@nexta_tv) September 27, 2022
وأعلن موراويكي أن "حقبة الهيمنة الروسية في مجال الغاز تقترب من نهايتها، وهي حقبة اتسمت بالابتزاز والتهديد والابتزاز".
بدوره، قال سيمون تاجليابيترا، خبير الطاقة في مركز أبحاث Bruegel في بروكسل، إن التسريبات "لا يمكن أن تكون مصادفة'' وتكهن بأنها قد تكون ناجمة عن التخريب الروسي أو التخريب المناهض لروسيا.
لم يقدم أحد أدلة على سبب مشاكل نورد ستريم، ولكن في وسط أوروبا، حيث ينتشر انعدام الثقة في روسيا، كانت هناك مخاوف من أن موسكو تخرب بنيتها التحتية بدافع الضغينة أو للتحذير من أن جميع خطوط الأنابيب معرضة للهجوم.
هل تستفيد روسيا من التسريبات؟
ظهرت التسريبات قبالة سواحل الدنمارك والسويد، مما زاد من المخاطر بشأن ما إذا كانت البنية التحتية للطاقة في المياه الأوروبية مستهدفة وأدى إلى ارتفاع طفيف في أسعار الغاز الطبيعي.
وقال مورافيكي: "يمكننا أن نرى بوضوح أن هذا عمل تخريبي، وهو عمل ربما يعني الخطوة التالية من التصعيد في الوضع الذي نتعامل معه في أوكرانيا".
BREAKING:
After Danish authorities confirmed last night that Nord Stream 2 is leaking gas into the Baltic Sea (Danish waters), Sweden now confirms that Nord Stream 1 is also leaking gas into Swedish waters.
German gov. sources talk about “a targeted attack”.
CEE warned you... pic.twitter.com/09ZAtUl1UW— Visegrád 24 (@visegrad24) September 27, 2022
ومن جانبه، قال أندرس باك نيلسن، الباحث في مركز العمليات البحرية في الكلية الملكية الدنماركية للدفاع، إن "توقيت التسريبات كان واضحًا أثناء الاحتفال بأنابيب البلطيق".
وأضاف أنه "ربما سعى شخص ما لإرسال إشارة بأن شيئًا ما يمكن أن يحدث للغاز النرويجي".
ولفت باك نيلسن إلى أن "السهم يشير باتجاه روسيا.. لا أحد في الغرب مهتم بأي نوع من عدم الاستقرار في سوق الطاقة".
وقال محللون في مجموعة أوراسيا إن حجم الضرر يعني أنه من غير المرجح أن تكون خطوط أنابيب نورد ستريم قادرة على نقل أي غاز إلى أوروبا هذا الشتاء حتى لو كانت هناك إرادة سياسية لذلك.
أثر التسريبات على خطوط إمداد الغاز
كتب المحللان هيننج جلوستين وجاسون بوش أنه "اعتمادًا على حجم الضرر، قد تعني التسريبات إغلاقًا دائمًا لكلا الخطين".
وأشارا إلى أن خطوط الأنابيب تحت البحر مصممة بطريقة لا تتضرر بشكل عرضي، وأن تسريبات بهذا الحجم تشكل خطرا شديدا على السلامة والبيئة، خاصة إذا لم تتوقف روسيا عن ضخ الغاز في النظام.
وحول اعتبار التسريبات عملا تخريبيا، أشار باك نيلسن أن التخريب المحتمل "من الناحية الفنية، ليس أمرا صعبا إنه يتطلب فقط قاربًا ويتطلب بعض الغواصين الذين يعرفون كيفية التعامل مع العبوات الناسفة".
وقال: "لكنني أعتقد أنه إذا نظرنا إلى من سيستفيد بالفعل من الاضطرابات، والمزيد من الفوضى في سوق الغاز في أوروبا، أعتقد أنه يوجد في الأساس جهة فاعلة واحدة فقط في الوقت الحالي تستفيد بالفعل من المزيد من عدم اليقين، وهي روسيا".
رد الكرملين
وردا على سؤال عما إذا كانت التسريبات قد تكون ناجمة عن أعمال تخريبية، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "لا يمكن استبعاد أي نسخة".
وقال في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحفيين "نحن قلقون للغاية من هذه الأخبار.. هذا وضع غير مسبوق يتطلب تحقيقا عاجلا".
وأصدرت السلطات البحرية الدنماركية والسويدية تحذيرات ملاحية بعد اكتشاف تسريبات في خطوط الأنابيب شمال شرق وجنوب شرق جزيرة بورنهولم الدنماركية.
وأنشأت الدنمارك منطقة محظورة لضمان عدم اقتراب السفن من التسريبات، فيما قالت السلطات إن السفن قد تفقد طفوها، وقد يكون هناك أيضًا خطر الاشتعال فوق الماء وفي الهواء.
وكانت خطوط أنابيب نورد ستريم في قلب صدام حول الطاقة بين أوروبا وروسيا منذ غزو أوكرانيا في أواخر فبراير.
وأدى انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى ارتفاع الأسعار، ما ضغط على الحكومات للمساعدة في تخفيف فواتير الطاقة الباهظة للمنازل والشركات مع اقتراب فصل الشتاء.
وتكافح الدول الأوروبية للعثور على إمدادات أخرى من الغاز الذي يعمل على تدفئة المنازل وتوليد الكهرباء وإدارة المصانع.
بولندا، على سبيل المثال، كانت في طريقها لتحرير نفسها من الغاز الروسي بعد العمل لسنوات لتأمين مصادر أخرى، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال أو LNG من الولايات المتحدة والشرق الأوسط. في المقابل، تتسابق ألمانيا الآن فقط لبناء محطات LNG.
يعتبر أنبوب البلطيق عنصرًا بارزًا في بحث الاتحاد الأوروبي عن أمن الطاقة، ومن المقرر أن يبدأ نقل الغاز النرويجي عبر الدنمارك وعلى طول بحر البلطيق إلى بولندا في الأول من أكتوبر.