لعب المسرح دورا كبيرا في بناء الوعي لدى الجمهور من خلال المضامين التي ينطوي عليها، بين التاريخي والإنساني والحركي والمتخيل، لذلك أصبح وجوده مهما في معارض الكتاب، وحول دوره ومدى إسهامه في الحراك الثقافي في معارض الكتب رصدنا آراء عدد من المسرحيين وذلك في حديث خاص لـ "اليوم".
المنظومة الثقافية السعودية
قال المخرج المسرحي تركي باعيسى إن المسرح جزء أصيل من المنظومة الثقافية، ومعرض الكتاب من التظاهرات المهمة التي تعنى بالثقافة والأدب، ومشاركة المسرح في هذه المناسبة تعد إثراء للبعد الفني والثقافي، وبالذات تلك العروض المنتمية لروائع الأدب العربي عموما، والسعودي خصوصا، ما يسهم في إبراز ثقافتنا وهويتنا للعالم.
وأضاف: أما على مستوى الحراك الثقافي عموما، فالمسرح يحظى باهتمام كبير من الدولة، وهو ضمن مشاريعها ورؤيتها في تطوير القطاع الفني والأدائي في المملكة، وأرى أن المسرح في بلادنا لن يقوم إلا بسواعد أبنائه، وهناك كثير من الأسماء المسرحية السعودية البارزة على مستوى الكتابة المسرحية والتمثيل والإخراج وغيرها من مجالات المسرح، يملكون خبرة كبيرة وأعمالا ناجحة محليا ودوليا، ما يجعلهم في طليعة من يجب دعمهم للإسهام المؤثر في دفع عجلة المسرح السعودي.
وتابع: أقترح على القائمين على معارض الكتاب عمل برنامج ثقافي مصاحب يهتم بالعروض المسرحية طوال فترة المعرض، كي تتاح للجمهور فرصة الاطلاع على عدد كبير من الأعمال المسرحية التي تعزز الهوية الوطنية والعربية، وأرى ألا تقتصر العروض على عمل واحد فقط طوال مدة المعرض، بل يكون في كل يوم عمل مسرحي جديد من خلال التعاون مع الفرق المسرحية التي تملأ أرجاء الوطن ولديها أعمال مهمة تستحق الظهور، ومنها من مثّل الوطن خير تمثيل في مهرجانات وملتقيات مسرحية عربية ودولية، وسيسهم ذلك بكل تأكيد في تعزيز الثقافة المسرحية داخل المجتمع عند تزامنها مع معارض الكتاب التي تشهد كثافة عالية في الحضور.
أبعاد فكرية عن المسرح
وأكد المخرج والممثل المسرحي نوح الجمعان، أن معارض الكتاب تعد منصات مستهدفة من قبل المسرحيين لتقديم أعمالهم أمام جمهور يصنف كمتلق مثقف واع يجيد التواصل مع ما يعرض من مسرحيات ذات أبعاد فكرية وجمالية تتناسب مع هذا النوع من الجمهور، لا سيما أن معارض الكتاب دأبت على استضافة إسهامات عالمية سواء كالدول التي تشارك كضيف معرض الكتاب أو مشاركين، الأمر الذي يضفي تنوعا فكريا وثقافيا وتراثيا على نوعية المتلقي، وهو ما يستهدفه بعض المسرحيين المهتمين بهذا المجال لتقديم صورة إيجابية وحقيقية لما وصلت إليه التجارب المسرحية السعودية من تنام وتطور، من خلال تقديم عروض مسرح الكبار والأطفال.
ورغم إيجابيات العروض المسرحية في معارض الكتاب فإن لها بعض الجوانب السلبية، إذ تفتقد العروض المسرحية كثيرا من الإمكانات الفنية والتقنية مثل مكان العرض والخدمات اللوجستية، ففي الغالب تقدم العروض على منصات معدة أصلا للفعاليات الأدبية والثقافية المنبرية، أيضا ضعف الترويج الإعلاني سواء داخل أو خارج المعرض، وكذلك عدم منح العروض المسرحية الوقت الكافي في الجدول المزدحم بالفعاليات المختلفة المصاحبة للمعرض.
معوقات العروض المسرحية
وقال المسرحي ناصر الظافر: معرض الكتاب مهم جدا ويستفيد منه جميع المثقفين والمسرحيين، فتجد جميع الإصدارات المسرحية الجديدة في معرض الكتاب، أيضا هو مورد إنتاج لجميع البلدان العربية، وله دور كبير خاصة في الجانب الثقافي وكافة الفنون والأدب، ما يفيد القارئ ويسهم في الحراك المسرحي، وبالنسبة للعروض المسرحية في معرض الكتاب، فقد كانت لنا تجربة سابقة بعرض مسرحي، ولكن المسرح لم يكن مجهزا للعرض، بل مجهزا للندوات والمحاضرات تقريبا، لذا أتمنى من المسؤولين الاهتمام أكثر بالمسرح.
دور مسارح معارض الكتاب في المملكة
أما الممثل والمخرج المسرحي معتز العبدالله، فقال: هناك حراك لدور مسارح معارض الكتاب في المملكة، ولكن هناك تركيزا على فئة من نوعية الكتب والإصدار، حتى لو كانت الدور الخليجية المشاركة تنقصها فئة الشعر بأنواعه سواء الشعبي أو الفصيح، وأيضا كتب الطبخ والفن عامة، ومنها المسرح أو مجال الاتصال، كما اتجهت أغلب الدور إلى فئة الروايات بأنواعها العاطفية والبوليسية والخيالية والشخصية، لأن هناك من يقرأ وهناك تنوع واختلاف في الأذواق.
وتابع: أبرز العيوب أن المعارض لا تحدد محتويات كل دار تتشابه في الإصدارات مثل الروايات، بالتالي لا تلبي للجمهور بمختلف أذواقه كل ما يتعلق بالذوق العام، وأتمنى من منظمي معارض الكتاب أن يسعوا في تنويع الإصدار بمختلف المحتويات، سواء كانت فنية ثقافية أو رياضية أو مهارات، لا سيما الباحث أو الطالب الجامعي أو الدكتور، فهناك ندرة في توافر نوعية الكتب أو جلب نسخ قليلة ما يجعل الزائر ينسحب من المعرض.