أجرت روسيا في أقل من 10 سنوات أكبر عملية ضم لأراضيها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، واجهتها عاصفة من الرفض في أوروبا وأمريكا.
كان أولها في عام 2014 بضم شبه جزية القرم، آخرها إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوجانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا "أراض روسية".
روسيا التي تعد أكبر دولة في العالم لم تكن بحاجة إلى زيادة مساحتها، وعلى الرغم من ذلك كانت للمناطق التي ضمتها من أوكرانيا فوائد اقتصادية جمة علاوة على أهميتها الاستراتيجية في الحرب الدائرة بين البلدين.
مكاسب روسيا من عملية الضم
بلغت مساحة الأراضي الأوكرانية المشمولة في الاستفتاءات أكثر من 100 ألف كيلومتر مربع، أي ما يشكل نحو 20% من إجمالي مساحة أوكرانيا، ويتراوح عدد سكان تلك المناطق ما بين 5 إلى 7 مليون نسمة، أي ما يقارب 15% من مجموع سكان البلاد.
وتمثل المناطق التي جرى فيها الاستفتاء أهمية استراتيجية من حيث الموقع وعدد السكان ومواردها الطبيعة:
وتقع زابوريجيا وخيرسون داخل سهل أوروبا الشرقية، وتربطهما حدود مشتركة، وتحد زابورويجيا من الشرق مقاطعة دونيتسك، ومن الجنوب بحر أزوف، وتقع على حدود دنيبروبتروفسك الأوكرانية.
وتبلغ مساحتها 27.18 ألف كم مربع، وتضم 5 مقاطعات و14 مدينة، ويبلغ سكانها 1.636 مليون شخص، يوجد منهم حاليا 43%.
فيما تحد خيرسون منطقتا نيكولاييف ودنيبروبيتروفسك الأوكرانيتين، وتربطها حدود مع شبه جزيرة القرم من الجنوب، وبحر أزوف من الجنوب الشرقي، والبحر الأسود من الجنوب الغربي.
وتبلغ مساحتها 28.46 ألف كيلومتر مربع، وتضم 5 مناطق، ويبلغ سكانها أقل من مليون، يعيش فيها منهم حاليا الربع على أراضيها.
لوجانسك ودونيتسك
في 22 فبراير الماضي، اعترف بوتين باستقلال لوجانسك ودونيتسك، الواقعتان جنوب سهل أوروبا الشرقية، والمشتركتان في الحدود.
وتربط الحدود لوجانسك مع خاركيف بأوكرانيا، وبيلجورود وروستوف وفورونيج في روسيا، وتبلغ مساحة لوجانسك تقدر بـ26.68 ألف كيلومتر مربع، ويقطنها 1.4 مليون نسمة.
فيما ترتبط حدود دونيتسك مع روستوف الروسية المطلة على بحر آزوف، ومناطق دنيبروبتروفسك وزاباروجيا وخاركيف الأوكرانية، بمساحة تبلغ 26.52 ألف كم مربع، ويعيش فيها 2.2 مليون نسمة.
أهمية اقتصادية للمناطق
أهمية لوجانسك ودونيتسك ليست استراتيجية فقط من ناحية الموقع والحدود المشتركة مع روسيا، ولكنها خسارة اقتصادية لأوكرانيا في المقام الأول.
وتضم المنطقتان أكبر مناجم الحديد والصلب والفحم الحجري بأوكرانيا، إذ تتركز 70% من ثروات أوكرانيا فيهما.
وتعد المنطقتان نقطة مهمة في شبكة المواصلات البحرية والبرية، ومنفذ عبور صادرات أوكرانيا المتجهة للبحر الأسود والشرق الأوسط، حيث تقع أهم موانئ التصدير الأوكرانية، ماريوبول، ضمن الحدود الإدارية لمقاطعة دونيتسك.
القرم قاعدة الأسطول الروسي على المياه الدافئة
تعتبر شبه جزيرة القرم أبرز المناطق التي ضمتها روسيا لأراضيها لما تمثله من مكاسب استراتيجية واقتصادية وكذلك إقليمية، فهي المنفذ الوحيد لروسيا على المياه الدافئة وقاعدة أسطولها على تلك المياه.
يصف بعض المراقبين شبه جزيرة القرم بـ"حاملة الطائرات غير القابلة للغرق" بالنسبة لروسيا، والقاعدة البحرية التي تحلم بها أساطيل العالم.
وخلال الحرب الروسية الأوكرانية كانت القرم بمثابة إسناد لوجستي ومعلوماتي للجيش الروسي داخل أوكرانيا، ومكنته من تحقيق أهدافه، وتقليل مخاطر أن يكون جنوب روسيا مكشوفا عمليا أمام التهديدات القادمة من البحر الأسود.
في السياق نفسه، تنتج القرم 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويا تتجاوز احتياجات شبه الجزيرة.
وتمتلك القرم أطنان من احتياطيات النفط علاوة على عشرات المليارات من الأمتار المكعبة من الغاز الطبيعي في منطقة كازانتيب.