@salemalyami
ينشر هذا المقال بعون الله، وتكون سلسلة الاحتجاجات والمواجهات بين الشعوب الإيرانية وقوات أمن النظام أي قوات الحرس الثوري أقول هذه المصادمات العنيفة تدخل أسبوعها الثاني في وسط حالة من عدم وضوح الرؤية إلى أين تسير الأمور هناك. يتردد في بعض وسائل الإعلام الدولية والعربية أن ما يسمى بالمرشد الأعلى السيد علي خامنئي انتقل إلى الدار الآخرة، وأن هناك تكتما رسميا على إعلان وفاته رغم أن جهات معارضة وشبه مستقلة أكدت في وقت سابق أن جثمانه نقل إلى كربلاء في تابوت خاص وعبر طائرة رئاسية إيرانية. من المشاهد، التي تكشف إلى أي مدى تكون الأحوال مقلوبة في دول العالم الثالث أن تهتم الدولة والنظام بالعسكرة والتصنيع والتلفيق لمنتجات حربية وتصدرها لكل الخارجين عن القانون والنظام في بلدانهم في الوقت الذي يموت الناس في إيران من الجوع والبطالة والفقر للعناية الطبية والمخدرات. إيران الرسمية بهذه الصورة العرجاء والمشوهة تضع نفسها في الخانة الحرجة وربما الحرجة جدا اليوم؛ لأنها ببساطة تواجه الجماهير، تواجه أحلامهم وطموحهم في عيش كريم، تواجه الناس الذين فقدوا كل أمل في المستقبل، فالجفاف يهدد الزراعة والفقر ينتشر بمعدلات غير طبيعية والناس تحفر في الصخر لكي تواصل الحياة. في لقاء تليفزيوني قلت إن هناك احتمالين لما نشهده اليوم من هذه الثورات الغاضبة، التي تجتاح المدن الإيرانية. الاحتمال الأول أن يكشر النظام القمعي عن أنيابه كما حدث في مرات سابقة ويستخدم العصا الغليظة للنظام ويقمع المتظاهرين والمطالبين بالحقوق والحريات؛ لأن النظام لا يقيم لهم وزنا في بنيته السياسية والتنظيمية رغم تبجحه بأنه نظام ديمقراطي، ويمكن لأي شخص التعبير عن رأيه بكل حرية ولكن هذا الكلام من نافلة القول اليوم، ويكفي أن نعرف كيف ينظر النظام للناس، الذين يبحثون عن الغذاء والدواء ويريدون حماية حقوق الناس في مواجهة تغول السلطة وأجهزتها القمعية، التي تسمى كل مَن يرفع صوته بكلمة حق بأنه خائن وعميل ومخرب، الاحتمال الثاني وهو مطروح وليس مستبعدا أن تتصاعد حملات الاحتجاجات إلى أكبر مما هي عليه وتنتشر في مناطق ومدن أخرى بفعل الصمود الداخلي والدعم الخارجي من الإيرانيين، الذين يعيشون حالة الإبعاد القسري في المنافي، وهنا قد يتفكك النظام وينكسر نموذج ما يسمى بالجمهورية الإسلامية القائم على فلسفة الولي الفقيه وتلبيسها زورا وبهتانا بلباس الديمقراطية. الاحتمالان واردان ولكل منهما تبعاته وتطوراته على الداخل الإيراني وعلى الجوار الإقليمي، البعض يتحدث عن أزمات هجرة ولجوء والبعض يعتقد أن تغير نظام دموي عاش أربعة عقود مسيطر على الداخل ويشكل مصدر قلق على دول الجوار يستحق كل مغامرة وتطورات غير محتملة، ويرى البعض أن المنطقة اعتادت على مثل هذه الموجات من الهجرة والنزوح، فسوريا لوحدها تركها خلق كبير استوعبتهم المنطقة والعالم ومناطق أخرى من العالم أفرزت أوضاعا غير محمودة لكن استطاع المجتمع الدولي التعامل معها بقدر الإمكان من ذلك أزمة اللجوء الناتجة عن الصراع في أوكرانيا على سبيل المثال. ردود الفعال الدولية إلى الآن دون المستوى المطلوب في نصرة مَن يطالبون بحقوقهم من الشعوب الإيرانية في أغلب التقديرات، إن التعويل في جله يعتمد على صبر الداخل وتصعيده بأنه العامل الأبرز، الذي يمكن أن يغير المعادلة.