مقالي اليوم للإشادة بدور المرأة السعودية في النهضة الشاملة بالمملكة. لقد اقتحمت المرأة السعودية سوق العمل بقوة في شتى المجالات، بدعم من رؤية 2030 الطموحة التي ستنقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة تجارياً وصناعياً وتقنياً وتكنولوجياً إن شاء الله.
لقد أصبح عمل المرأة السعودية في المجالات التجارية والصناعية ضرورة تفرضها الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي نمر بها. ولم تعُد الوظائف التقليدية من وجهة نظري وحسب المعلومات الإحصائية كافية للنصف المنتج والحيوي من المجتمع؛ ما جعل الحكومة تفتح للمرأة المجالات الأخرى غير التقليدية بضوابط دينية يعاقب مَن يخالفها.
وللعلم.. لقد انقسم السعوديون قبل أكثر من خمسة عقود بين مؤيد ومناهض لتعليم المرأة، بل وخروجها للعمل في مجال التعليم والصحة خوفًا من الاختلاط، لكن ذلك الخوف تبدد وزال عندما أدركوا طبيعة وبيئة عملها التي تتفق مع التعاليم الإسلامية، ناهيك عن القيم السامية للمجتمع السعودي.
يتزايد اليوم عدد النساء السعوديات اللاتي يبحثن عن عمل يساعدهن على مواجهة متطلبات وتكاليف الحياة من طعام وشراب وملابس وسكن وغيرها، لكن الوظائف النسائية التقليدية لم تعُد كافية لهذه الأفواج المتزايدة من النساء القادمات إلى سوق العمل، لذا لا بد للمرأة السعودية من العمل في الأعمال غير التقليدية مثل الصناعية والتجارية والمهنية والفنية التي تناسب قدراتها الجسدية، وتحفظ قيمها الدينية في بيئة يسودها الدين والقيم والاحترام.
أثبتت المرأة السعودية مهارتها وقدرتها وكفاءتها في القيام بدورها كأم وربة أسرة في المقام الأول، وكذلك تفوقت كموظفة في الكثير من قطاعات الأعمال، سواء الصحية أو التعليمية أو الاجتماعية. نعرف دور المرأة السعودية الملموس منذ قيام المملكة في مساندة عائلتها في الزراعة والحِرَف التقليدية القديمة التي كانت الأسرة تكسب منها ما يساعدها على تكاليف الحياة.
المرأة السعودية بطبيعتها صبورة ومكافحة، كثيرة العطاء، قليلة التذمر والشكوى. واليوم نشهد الدور البارز للمرأة السعودية في قطاعات حكومية وخاصة، حيث برزت كمعلمة ناجحة وطبيبة متميزة في المحافل الدولية وسيدة أعمال وموظفة منتجة في القطاعَين العام والخاص.
لقد برز جيل جديد من سيدات الأعمال السعوديات، بحيث أصبح لهن دور اقتصادي كبير في شتى المجالات الاقتصادية في المملكة. كما تعلمون أن ديننا الحنيف يحث الرجل والمرأة على العمل، كلّ في مجاله وحسب قدراته مراعيًا في ذلك القيم الدينية.
الحقيقة أننا أمام خيار واضح وسهل إذا فهمنا ضرورة وأهمية عمل المرأة في الأعمال غير التقليدية، بحيث تعمل في تلك المجالات التي كان الرجل رائدها متبعة تعاليم دينها، والقواعد الأخلاقية الكريمة التي يتصف بها المجتمع السعودي.
والقاعدة هنا هي نفس القاعدة التي اتبعناها في التعليم، بحيث نهيئ للمرأة العمل في بيئة عمل تحكمها الأخلاقيات والقيم السلمية؛ لتكون لها الفرصة في الحصول على وظيفة تساعدها في الحصول على الدخل المناسب الذي يساعدها على توفير الحياة المعيشية الطيبة لها ولأسرتها.
ومن المنطق أن ننظر للنصف الملآن من الكأس وليس النصف الفارغ منه، حيث حصولها على العمل يوفر لأسرتها فرصة الحياة الكريمة، ويحميها من ويلات الدهر والحاجة للغير حتى لا تُستغل من الذين لا يخافون الله.
وقد يعتقد البعض أن النصف الفارغ من الكأس يعني تعرض المرأة للاختلاط وغيره؛ ما ينتج عنه المشاكل الاجتماعية، لكننا كما أسلفت نستطيع تفادي هذه المشكلة بتوفير البيئة المناسبة لعملها بضوابط تحمي المرأة العاملة من التجاوزات غير المشروعة.
أيضًا هناك ضوابط قانونية سلوكية تحمي المرأة من المشاكل عندما يحاول الرجل إساءة معاملتها، سواء كان مسؤولًا عنها في العمل أو زبونًا. سيحد العمل، بنزاهة عالية وأخلاقيات مهنية شفافة، من التجاوزات غير الأخلاقية ضد المرأة العاملة، وذلك خوفًا من تطبيق العقوبات الصارمة ضد المخالف.
كلية الأعمال KFUPM
@dr_abdulwahhab