الغالبية العظمى من الشباب قد أعياهم الفضول في البحث عن طريقة صحيحة لاختيار الشريك، لكن أغلب الدراسات الاجتماعية التي تناولت موضوع الاختيار هي دراسات غربية قدمت في سياق ثقافي قد لا يتناسب مع مجتمعنا، لذلك يجب الحذر في التعامل مع تلك الخلاصات التي أفرزتها الدراسات، ومحاولة تكيفها وتطويعها لتنسجم مع قيمنا المجتمعية.
قد يكون من الصعب صياغة معايير واضحة للاختيار فهي مسألة شخصية للغاية فيجب أن تدرك دوما أن الشريك (اللقطة) من وجهة نظر أحدهم قد يكون شريكا غير مناسب بالنسبة لك، لكن في إطار السعي لمواجهة ما نشاهده حاليا من هدم متعمد لمنظومة الأسرة التي تشكل الضامن الأول لاستقرار وسلامة المجتمع، سأقوم بمحاولة لطرح بعض الموجهات الفكرية التي قد تعينك في مهمة الاختيار.
الفهم العميق للذات هو أولى خطواتك الصحيحة لاختيار الشريك، الاتصال مع الذات الشرط الأساسي لإدراك الآخرين ومعرفة الطريقة الصحيحة لتقديم أنفسنا لهم فلابد أن تعرف شخصيتك وتتأمل في سماتها وتعلقاتها، تفضيلاتك الشخصية، خارطة مشاعرك، لغة الحب التي تفضل أن تتواصل بها من لغات الحب.
يجب أن تحدد أهدافك من الزواج ابتداء، قد تكون تلبية احتياجاتك الجسدية والعاطفية، أو سد احتياجك المادي أو الرغبة في الإنجاب أو بناء حياة مستقلة، حدد شكل الحياة الذي تريده ثم حاول أن تصل مع شريكك المحتمل لرؤية مستقبلية، حدثه عن أهدافك المهنية والاجتماعية والمالية، مصفوفة قيمك (الحب، الاحترام، التعاطف، العطاء) ما هي الأولوية بالنسبة لك؟ وافتح له المجال لطرح رؤيته الخاصة ومشاركتك إياها ثم حدد إذا ما كانت رؤيته تدعم أهدافك وتنسجم مع قيمك.
حاول أن تتخلص من كل الأقفاص الفكرية التي يسجنك الوعي الجمعي بداخلها، آمن بتوافر الفرص التي أوجدها الله تعالى في هذا الكون، أنت لست في سباق مع أحد، لا تستسلم للزواج من شريك من الدرجة الثالثة أو العاشرة أحيانا نتيجة لضغوط اجتماعية تمارس عليك، يجب أن ندرك أن وجود الفجوات التعليمية والثقافية والمادية مع عدم القدرة على إدارتها قادر على هدم أي علاقة.
احذر من الاندفاع العاطفي الذي يطغى على الرؤية العقلانية للأمور، خذ وقتك لتصل مع الآخر لدرجة مرضية من الإفصاح عن الذات والآمال والتعلقات، وتوفر درجة من الأمان النفسي بعد انكشاف العيوب وتحديد موقفك تجاهها.
تخل عن الازدواجية الثقافية التي يعيشها معظم الشباب العربي، حدد موقفك إذا كنت تفضل شريكا متحررا، هل أنت مستعد للتصادم مع قيم المجتمع ومواجهة الانتقادات،؟؟ لأنها غالبا مجرد حالة من الانبهار بسلوك يخالف النمط السائد والمعتاد وتأكد في هذه الحالة أنها حالة إعجاب هشة سوف تتحطم على أعتاب الزواج.
تخل عن أحلام غير واقعية بتغير الشريك بعد الزواج أو حتى الإنجاب، لأننا مهما حاولنا ووفرنا المحفزات وقمنا بتهيئة البيئة فليس هناك أي ضمانات بالتغير إلا في حالة وجود رغبة حقيقية وصادقة من الشخص نفسه.
الألم والخذلان بعد تجربة زواج فاشلة قد يخلف صدمات نفسية وجروحا عاطفية غائرة، لذلك فإن خبراء الأسرة يرجحون أن جودة العلاقة بأهمية وجود العلاقة بحد ذاتها، الزواج من أكثر العلاقات تبادلية، فكن واعيا لاختيارك لتصل لعلاقة طويلة الأمد تسودها السعادة والرضا الزوجي.
@wallaabdallagas