توصل تحليل جديد إلى أن الجفاف عبر النصف الشمالي من الكرة الأرضية هذا الصيف، الذي تسبب في حرائق الغابات وجفاف الأنهار وفشل المحاصيل الجماعية، أصبح أكثر احتمالًا بنسبة 20 مرة على الأقل بسبب أزمة المناخ.
ووجد البحث، الذي نُشر أمس الأربعاء من قِبل مبادرة World Weather Attribution، أن الجفاف الذي ضرب مناطق من أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا هذا الصيف سيكون تاريخيًا حدثًا واحدًا في 400 عام، وأنه كان حدثًا شديدًا لدرجة أنه لن يُرى إلا مرة واحدة كل 400 عام في المتوسط.
الصادم أن العلماء وجدوا أن الاحتباس الحراري الناجم عن حرق الوقود الأحفوري، جعل جفاف بهذا الحجم يحدث مرة واحدة في 20 عامًا، بحسب شبكة "CNN" .
جفاف ودرجات حرارة مستحيلة
وتوصل التحليل أيضًا إلى أن درجات الحرارة المرتفعة التي شهدها هذا الصيف، وساهمت في الجفاف وقتل عشرات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء أوروبا والصين، كانت "مستحيلة فعليًا" دون تغير المناخ.
واستخدم الباحثون البيانات التاريخية والملاحظات، لمقارنة الظروف في ظل مناخ اليوم، والذي يقدر بنحو 1.2 درجة مئوية أكثر دفئًا مما كان عليه قبل التصنيع - مع المناخ الذي سبقه، قبل أواخر القرن التاسع عشر.
ويعتبر صيف عام 2022 في نصف الكرة الشمالي مثالًا جيدًا على كيف يمكن للأحداث المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ أن تتكشف أيضًا، في مناطق كبيرة في فترات زمنية أطول.
وقال فريدريك أوتو، عالم المناخ في إمبريال كوليدج لندن وأحد مؤلفي الدراسة إن البحث يوضح أيضًا أنه يمكن أن يؤدي الجمع بين العديد من التغييرات المختلفة في الطقس إلى إتلاف بنيتنا التحتية وإثقال كاهل أنظمتنا الاجتماعية.
وأكمل: "في أوروبا، أدت ظروف الجفاف إلى انخفاض المحاصيل، وكان هذا مقلقًا بشكل خاص، لأنه جاء في أعقاب موجة الحر التي أججها تغير المناخ في جنوب آسيا والتي دمرت أيضًا المحاصيل هناك، وحدثت في وقت كانت فيه أسعار الغذاء العالمية مرتفعة للغاية بالفعل بسبب الحرب في أوكرانيا، في حين أن معظم نصف الكرة الأرضية شهد هطول أمطار أقل من المتوسط هذا العام، ووجد التحليل أن ارتفاع درجات الحرارة كان الدافع الرئيسي وراء الجفاف.
وبحسب الدراسة، لاحظ العلماء أيضًا أن النتائج التي توصلوا إليها كانت متحفظة، وأن التأثير الحقيقي للأنشطة البشرية من المحتمل أن يكون أعلى.
تضرر واسع بالنصف الشمالي
وتسببت درجات الحرارة الشديدة وانخفاض هطول الأمطار في الأحداث غير المسبوقة، عبر النصف الشمالي من الكرة الأرضية هذا الصيف.
وأصدرت الصين أول تحذير وطني للجفاف، وسجلت المملكة المتحدة أعلى درجة حرارة على الإطلاق وتفاقمت أزمة المياه في غرب الولايات المتحدة، ما أدى إلى تخفيضات جديدة في استخدام المياه.
إلى جانب الخطر المباشر على الحياة، شكلت درجات الحرارة الشديدة في الصيف تهديدات خطيرة للبنية التحتية والصناعة والإمدادات الغذائية، ما تسبب في تفاقم أزمة تكلفة المعيشة المستمرة في العديد من المناطق المتضررة.
وقال مارتن فان آلست أحد مؤلفي الدراسة ومدير مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر، إن هذه الصدمة الناجمة عن المناخ زادت تفاقم أزمة تكلفة المعيشة.
وقال فان آلست: "إننا نشهد بصمة تغير المناخ ليس فقط في مخاطر محددة، ولكن أيضًا في تعاقب التأثيرات عبر القطاعات والمناطق".
ماذا سيحدث لاحقا؟
أصبح العلماء قادرين بشكل متزايد على تحديد الصلة بين أزمة المناخ والظواهر الجوية المتطرفة، يمكنهم أيضًا عمل توقعات بشكل أكثر دقة.
ووجد التحليل أن نصف الكرة الشمالي يمكن أن يشهد درجات حرارة قصوى، مثل تلك التي شهدها هذا الصيف، بشكل متكرر أكثر من ذلك بكثير.
أعاصير وعواصف
وقال دومينيك شوماخر، الباحث في معهد الغلاف الجوي وعلوم المناخ في ETH في زيورخ: "تعطينا هذه النتيجة أيضًا نظرة ثاقبة عما يلوح في الأفق، ومع زيادة الاحتباس الحراري، يمكننا أن نتوقع موجات جفاف صيفية أقوى وأكثر تواترًا في المستقبل".
في هذه الحالة، يصبح نقص المياه وحرائق الغابات وفشل المحاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية ونضوب إمدادات الكهرباء التي حدثت خلال الأشهر القليلة الماضية، أمرًا شائعًا.
لا تتبع الدراسة صيفًا من الطقس القاسي فحسب، بل تتبع أيضًا موسمًا مدمرًا للأعاصير والعواصف، وبالفعل رأينا ذلك في إعصار إيان بالولايات المتحدة الذي تسبب في مقتل 100 شخص، وضرب إعصار نورو الفلبين مؤخرًا، بعد أن اشتد بسرعة من ما يعادل إعصارًا من الفئة الأولى إلى فئة 5 في نحو ست ساعات.