عندما كنت ذاهبا لأداء صلاة الظهر في مسجد الحي، قابلت رجلا مسنا وذهبنا سويا للمسجد وكنت أمازحه وأضحك معه، قال لي: يعلم الله يا ولدي إنا محتاجين لمثل هذه الضحكات والابتسامات كثر الأشغال علينا وأشغلتنا الدنيا، ويوم أشوفك تضحك على الرغم من كثر مشاغلك «أهنيك» على هذه الروح الحلوة، قلت له يا عم الحياة شغلها ما يخلص وما في إنسان بالدنيا ما عنده مشاكل وما عنده ضغوطات، حتى وإن كان رجلا غنيا أو مسؤولا كبيرا وحتى الأطفال حاليا عقولهم مشغولة، تغيرت طبيعة الحياة وتغيرت الأنماط السلوكية للناس، في حياتنا نتعرض لمواقف كثيرة ومثيرة نوعا ما، منها قد تصادف رجلا يتجاوز عليك بالكلام، وقد تشاهد منظرا لا يعجبك، وممكن قائد مركبة يضايقك بالشارع، وقد تجد بعض هذه المواقف السلبية تحصل لك من أقرب الشخصيات لك، يجب عليك أن تكبر دماغك إذا تبي صحتك وعافيتك وصفاء نفسيتك وسعادتك، واترك المحاسبة ولا تضايق نفسك كثيرا، من قواعد السعادة السبع كما أكدها الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه لا تكره أحدا مهما أخطأ في حقك، ولا تقلق أبدا مهما بلغت الهموم، وعش في بساطة مهما علا شأنك، وتوقع خيرا مهما كثر البلاء، وأعط كثيرا ولو حرمت، وابتسم ولو القلب يقطر دما، ولا تقطع دعاءك لأخيك المسلم بظهر غيب، أعتقد يا عم لو طبقنا ذلك في حياتنا لعشنا بصحة وعافية وسعادة لا توصف، أتذكر قصة والحديث لصديق أخبرني بها، أنه كان هناك شخص كانت تربطه به علاقة قوية وفي يوم من الأيام غلط عليه غلطا كبيرا وأمام مجمع من الأصدقاء وبدون سبب عندما كنت مشاركا بالحديث في حوار لبعض مواضيع الحياة، في البداية اندهشت من تصرفه الفوضوي جدا ومع ذلك مسكت نفسي عند الغضب تقيدا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوقفت بداية عن استكمال المشاركة بالحوار وقبلت واعتبرت حديثه وجهة نظر حتى لو أخطأ بحقي، فربما أساء التعبير ولم يحسن التصرف، كنت أرمقه بنظرات غير مباشرة وهو لا يشاهدني، فلاحظت عليه ارتباكا وعدم سيطرة بالكلام فتولد لدي إحساس بأنه يفكر في كلامه الذي أطلقه من لسانه عليه ولكن الكبرياء تمنعه من الاعتذار أمام الناس الموجودين أسرها في نفسه على حسب توقعي، غادرت المكان رغبة مني أن يهدأ الوضع ويخف عامل التوتر، وفي أحد الأيام تقابلنا في مكان عام فبادرني بقبلة على رأسي وقدم الاعتذار وقبلته منه وقلت لم يحصل شيء فانحرج بزيادة، فدائما غض البصر عما تحتويه بعض المواقف وعدم تضخيمها والمعالجة بنفس الأسلوب من أفشل التصرفات، وفرض الفرضيات السيئة والحقد والكراهية لا تصنع إنسانا سويا ولا مجتمعا متماسكا ومتسامحا.
alnems44@