نعيش، بحمد الله، تنمية شاملة بمشاريع تنموية تعزز دور التخطيط الحضري والإقليمي وتساهم في تحقيق رؤية المملكة 2030 الطموحة، ومنها إعلان صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، الأسبوع الماضي عن إطلاق شركة «داون تاون السعودية»، والتي تهدف لإنشاء وتطوير مراكز حضرية ووجهات متعددة ومتنوعة في أنحاء المملكة. وسوف تسهم الشركة في تطوير البنية التحتية للمدن، وتعزيز الشراكات الإستراتيجية مع القطاع الخاص والمستثمرين، وستعمل الشركة على إطلاق مشاريعها في 12 مدينة وهي: المدينة المنورة، الخبر، الأحساء، بريدة، نجران، جيزان، حائل، الباحة، عرعر، الطائف، دومة الجندل، وتبوك. حيث تنوي العمل على تطوير أكثر من 10 ملايين متر مربع لمشاريعها المصممة وفق الطابع الحديث والمستمد من روح مناطق المملكة وثقافتها، ونسيجها العمراني المحلي، مع مراعاة تطبيق أحدث المعايير المعتمدة.
في ضوء هذا الإعلان المهم نحو تطوير مراكز المدن، وهو ما سوف يحسن من جودة الحياة بشكل كبير في المدن السعودية، يبرز الدور المهم للتخطيط العمراني من خلال الأخذ في الاعتبار ترابط المستويات التخطيطية لتنظيم وربط مكونات المدن، وبما يضمن تكامل عملية التنمية.
وفي حالة المدن ذات المركز الواحد، في وسط المدينة والمخدوم بالخدمات ويوجد به أنشطة اقتصادية وخدمية وإدارية وتراثية وترفيهية، فإن عدم وجود مخططات عمرانية مستدامة تربط نمو سكانها وعمرانها يتسبب ذلك في ضغط على الخدمات والازدحام والتلوث وزيادة نسبة الجريمة والتغير في التركيبة الاجتماعية والهيكل العمراني وتتدهور الصورة البصرية. وكل ذلك يؤدي إلى هجرة السكان إلى أطراف المدينة، ويتسبب ذلك في هدر للمال، من خلال عدم الاستغلال الأمثل للخدمات والمرافق القائمة، وكذلك يساهم في ارتفاع أسعار الأراضي بأطراف المدن.
وفي حال المدن ذات المراكز الحضرية المتعددة، فإنه من الضروري ربط وسط المدينة مع المراكز المتعددة بطريقة متكاملة، يتم فيها توزيع الضغط السكاني على مختلف هذه المراكز، وبما يساهم في تخفيف الازدحام المروري والتلوث ويوفر المزيد من الفرص الوظيفية والاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمكانية.
وأخيرا وليس بآخر، فإن إنشاء وتطوير مراكز حضرية ووجهات متعددة ومتنوعة في أنحاء المملكة يعتبر من المشاريع التنموية المهمة التي تساهم المخططات الهيكلية والضوابط والمعايير لتخطيط المراكز الحضرية في تحقيق استدامة التنمية بها، وتحقق المزيد من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمزيد من الفرص الوظيفية، بالإضافة إلى تعزيز الترابط الاجتماعي ورفع مستوى جودة الحياة ورفاهية السكان في مختلف المدن السعودية.