تتخبط الحكومات الأوروبية بشدة في ظل أزمة الغاز، فبعد هجومها المستمر على روسيا بسبب حربها مع أوكرانيا، بدأت الانتقادات تتوجه إلى الدول الصديقة للقارة العجوز وبخاصة أمريكا والنرويج، وذلك بعد أن رفعت واشنطن أسعار بيع الغاز بنحو 4 أضعاف سعر البيع في السوق الأمريكية، وهو ما اعتبره الأوروبيون استغلالًا مرفوضًا للأزمة.
وفي الوقت ذاته تدفع واشنطن أوروبا لقطع واردات الغاز الروسية، مع فرض سقف أسعار على إيرادات النفط والغاز الروسي.
أسعار الغاز
ووصل الغضب الأوروبي أعلاه، حينما تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بطرح مشكلة أسعار الغاز على طاولة مجموعة السبع، مضيفًا بسخرية، "سنقول لأصدقائنا الأمريكيين والنرويجيين، بروح الصداقة العظيمة: أنتم رائعون، لأنكم تزودوننا بالطاقة والغاز".
وتابع أنه لا يمكن للحكومة الفرنسية أن تستمر في دفع 4 أضعاف سعر الغاز الذي تقوم أمريكا بالبيع به محليًا لفترة طويلة، لإن هذا ليس المعنى الدقيق للصداقة.
ولم تكن هذه المرة الأولي التى تنتقد بها أوروبا السياسات الأمريكية الخاصة بأسعار الغاز، إذ استنكر وزير الاقتصاد الألماني، طلب دول صديقة، في مقدمتها الولايات المتحدة، من ألمانيا، أسعاراً خيالية لتوريد الغاز من أجل تعويض وقف الشحنات الروسية.، قائلًا : "بعض الدول، حتى الصديقة، تحصل أحيانًا على أسعار خيالية".
ورفعت الولايات المتحدة أسعار الغاز، بعدما انتقدت إدارة بايدن ارتفاع أسعار الخام، التي استقرت قرب مستوياتها قبل الحرب، في الوقت الذي انقسمت فيه الدول الأوروبية حول قرار وضع حد أقصى لأسعار الغاز، لأن بعض الدول مثل ألمانيا والدنمارك وهولندا تخشى أن يعيق شراء الغاز الذي تحتاجه اقتصاداتها، ويقلل من تأثير أي حافز لخفض الاستهلاك.
أزمة في النفط
وجاء رفع أسعار الغاز في الوقت الذي تعاني فيه فرنسا من أزمة في النفط بعد إضراب العمال في 4 من مصافي النفط في فرنسا منذ نهاية شهر سبتمبر الماضي، ما أدى إلى أزمة إمدادات حادّة لمحطات الوقود، وتوقُّف عدد منها عن العمل.
قالت توتال إنرجي، المسؤولة عن إثنين من مصافي النفط المتوقفة، في في بيان لها، إن المباحثات التي أجرتها مع نقابات العمال في شهري يوليو وسبتمبر من هذا العام، أسفرت عن تحديد منتصف نوفمبر موعدًا سنويًا لمفاوضات إلزامية سنوية، لكنها تريد عقد تلك المفاوضات مبكرًا لحل أزمة الوقود في فرنسا، ما يزيد من استفادة العمال من النتائج الاستثنائية للأداء، وفي الوقت ذاته الحصول على فرصة وضع معدلات التضخم في الحسبان، موضحة أنها ستبدأ بعمال الصناعات النفطية، خاصة أنها اتفقت مع غالبية نقاباتها العمالية في 3 أكتوبر الجاري على نِسب زيادة الأجور.
تتصاعد أزمة الوقود في فرنسا مع شح الإمدادات وتواصل إضراب عمال مصافي النفط، لحين استجابة شركتي توتال إنرجي وإكسون موبيل إلى مطالب زيادة الأجور لدعمهم في مواجهة معدلات التضخم التي تشهد أكبر زيادات في عقود.
وكان عمال توتال إنرجي قد طالبوا بزيادة الأجور 10%، مع ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميًا، وهو ما أدى إلى تحقيق الشركة أرباحًا قياسية مع باقي القطاع، ما سمح لها بدفع ما يُقدَّر بنحو 8 مليارات يورو من توزيعات الأرباح النقدية وتوزيعات أخرى إضافية خاصة للمستثمرين.
