على مدى سنين طوال ونحن نشاهد الصراع القائم حول خطوة الزواج والارتباط الرسمي، حيث تنقسم الآراء وتتعدد وجهات النظر وتتسع الاجتهادات بين مؤيد ورافض ومادح وشاتم، وتكتمل الصورة بأولئك الذين يزعمون أنهم أخصائيون أسريون ومصلحون للزوجين وكأن الزواج علاقة بين أطفال يحتاجون إلى من يرشدهم كيف يتعاملون مع بعضهم البعض!
حيث قرأت قبل أيام خبرا روتينيا مملا - كعادة كل الأخبار والتقارير الصحفية عن الزواج والطلاق - يقول: «إن أكثر من عشرين بالمائة يؤكدون أن سبب طلاقهم كان نتيجة لعدم السؤال عن شريك الحياة قبل العقد»، ورغم أن السؤال عن الشريك عادة اجتماعية بالية تمتلئ بالتصنع والأكاذيب والأحقاد وبعض الأحيان بالحسد وربما غالبا أيضا، إلا أن الخبر ذكره كسبب مهم لوقوع الطلاق، متناسيا أن السؤال عن شريك الحياة بشكله القديم لا يوثق رباط الزوجية ولا يتكفل بديمومته ولا يضمن أيا من المعرفة الحقيقية لهذا الشريك، بل على العكس قد يخبرك الناس كلاما مغايرا تماما عن واقع الأشخاص تبعا لدوافعهم النفسية أو أفكارهم الخاصة البعيدة عن الحيادية، بالإضافة إلى أن الإنسان الواعي يدرك أنه مهما كان الشخص اجتماعيا فإن لديه الكثير من الجوانب المحظورة عن الأعين والعموم أو بالأحرى «جوانب مظلمة» لا يمكن لأي شخص رؤيتها أو معرفتها وبالتالي تداولها، وهي بالتأكيد الأسباب الرئيسية خلف الطلاق فيما بعد وليس ما يظهر للناس في العادة..
وفي الحقيقة أعتقد أنه لا شيء يضمن أن يكون الزواج صحيا ومستمرا سوى فهم الزوجين لبعضهما جيدا قبل الزواج - وبعد عقد القران - دون تدخلات الآخرين أو فرض وصايتهم وآرائهم، والقبول بين الزوجين والصدق والوضوح، واحترام الأسرار، وتقدير الظروف والبعد عن التصنع والمثالية، والأهم من هذا كله الأريحية كانطباع أول بينهما دون الشعور بالحرج من الرفض والتراجع عند انعدام هذه الأريحية، لأن «الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف»، ولا يمكن للعشرة أن تغير من الانطباع غير المريح كما يزعم البعض أو أنه بالمحاولة يمكن النجاح، كما أن الزواج علاقة روحية سامية جدا وليس زيا رسميا ترتديه لتعجب الآخرين.
وعلى اعتبار أن «الزواج» فكرة ترعب البعض وبمثابة الحلم للآخرين، فهو في الواقع الأساس الذي تستوي به النفس البشرية وتستقيم وتستقر، والمأوى الآمن الذي لا يرفضه إلا مضطرب أو ضعيف، ولا يعني هذا أن يكون الهدف الزواج، بل إيجاد الطرف الآخر الصحيح بمقاييس الزوجين ومعاييرهم وبقناعة شخصية تامة لا بمعايير الآخرين، ومن ثم الزواج.
حساب تويتر: @maiashaq