تلقيت أكثر من دعوة لحضور حفل مبسط تحت مسمى مبادرة «بركتنا»، الذي نفذته بعض الجهات الرسمية في مدينة عرعر تفاعلاً وتزامناً مع اليوم العالمي لكبار السن وتقديراً من المسؤولين عنها لهذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعاً.
الهدف من هذا الاحتفال؛ هو تقديم برامج وخدمات صحية وترفيهية للمسنين وإخراج البعض منهم من عزلته المنزلية إلى فضاء أرحب وأوسع يجعلهم يحسون بقيمتهم المجتمعية واعترافاً بدورهم، الذي قاموا به في الحياة، لكن جلوسهم خلال الحفل وعدم مشاركة البعض منهم بمفردات البرنامج غير مناسب وليس حيوياً، لو كان أحدهم تحدث عن تجربته الثرية في معترك الحياة وسرده لبعض القصص والمواقف والأحداث لكان تفاعلهم أكثر مع الحضور.
هذا لا يعني أن مفردات الاحتفال غير جيدة، لكن من وجهة نظري أن مشاركتهم الفعلية وسرد حكاياتهم يستفيد منها الحضور من الشباب، الذين يحاولون في تطوير بنائهم المعرفي والمهاري والثقافي والاجتماعي، ولكن عندما لا يستطيع القائمون على الحفل استثارة هؤلاء المسنين ويدعونهم فقط يستمعون ويجلسون يتفرجون، والمثقفون هم الذين يتحدثون، بلا شك سيكون ذلك البرنامج مملاً ويعطي ذلك مؤشراً على عدم إيصال مادة الحفل ورسالته بشكل جيد للمجتمع الخارجي.
المطلوب أن نتعامل بواقعية مع مثل هذه البرامج، التي تهم هذه الشريحة القديرة، التي أفنت عمرها في خدمة الوطن والدين والقيادة، فكثيراً منهم حتى إن التزم الصمت لديه ما يقوله ويفصح عنه ويحتاج مَن يسمعه، وقد يتجه البعض منهم إلى مناسبات تكون أفضل تتيح له السماع لوجهة نظره واستعراض حكايته، فمنهم ما تكنز روحه وصدره ونفسيته بكثير من المعاناة وببعض الأشياء الحبيسة لديه بسبب تقدمه في العمر واعتقاده بأنه بات غير مؤثر وكلامه غير مسموع ولديه قصور في التعامل مع معطيات الحياة العصرية، وبالتالي يقع مَن ينفذون مثل هذه البرامج في حرج في عدم تقبل هذه الفئة لبرامجهم وعزوفهم عن الحضور مستقبلاً.
وفي وجهة نظري أن تجتمع مثل هذه المؤسسات وهؤلاء المسؤولين مع أكبر شريحة من هؤلاء المسنين وأيضاً المسنات ويكون الاحتفاء بهما جميعاً وليس مقتصراً على المسنين من الرجال فقط واستطلاع رأيهم فيما يهمهم من أشياء وفقرات يرغبون مشاهدتها والمشاركة فيها وفي تنفيذها قبل البدء في تنفيذها، وأكاد أجزم بأن المسنين سوف يتناغمون مع هذا الاهتمام وهذه البرامج، ويزداد حجم الثقة لديهم من جديد أكثر من وضع برامج بعيدة عن ميولهم ورغباتهم.
@alnems44