لطالما آمنت أن القطبية في تصنيف المشاعر الإنسانية إلى سلبية وإيجابية هي تسطيح للتجربة البشرية التي تقوم على تراكم الخبرات الشعورية للإنسان.
المشاعر هي طريقة الاتصال بقلبك وروحك لكننا بالحكم عليها ورفضها أحيانا وتجاهلها أحيانا أخرى نفقد هذا الاتصال، بالمقابل إن سعيت إلى فهمها والتعامل معها وتفسيرها والبحث عن المصدر الحقيقي للألم ستكون مشاعرك في خدمتك وستشكل قدرة موازية للحواس، فلكل شعور بصمة وملف تعريف خاص به وله دور مميز في تجربتنا فلا مجال للعبثية في خلق الله المبدع ولكننا نحن من ينقصنا الوعي الكافي لسبر أغوار هذه الأنفس البشرية واستكشاف خباياها.
شعور اللامبالاة الذي يعتبره البعض سلبيا كانت له سمعة طيبة حتى قرون قريبة من الزمن فكلمة اللامبالاة في أصلها اليوناني تشير إلى التخلص من شعور المعاناة والتحرر العاطفي منها فهو يخلصك من قبضة المشاعر المؤلمة.
سأحاول جاهدة في السطور القادمة أن أشرح لك آلية عمل اللامبالاة وكيف تقوم بخدمتك في محاولة لتبرئتها من السلبية التي وصمت بها جورا مع التشديد على أن محور حديثي اللامبالاة باعتبارها حالة شعورية عابرة وليست سمة من سمات الشخصية.
خلف شعور اللامبالاة هناك رغبة كامنة تم إحباطها، عندما لا تستطيع الوصول إلى رغبتك التي تريد تزداد الرغبة شراسة ويزداد شعورها حرقة، زيادة التعلق بالرغبة يدفع كلا من الطاقات الشديدة للخوف والغضب بمشاركة الرغبة في حربها ضد سلامك الداخلي.
مع هذه الحرب الضروس التي تجري في دواخلك تفقد القدرة العقلانية لتجربة منهجية جديدة أكثر فعالية تقوم على الانضباط الذاتي وتدفعك للصبر أو حتى إخماد هذه الرغبة التي استعصت عليك والتخلص من إحباطها.
كلما استحوذت الرغبة على تفكيرك وعواطفك، استهلكت طاقتك وأصبحت أقل تفاؤلا بالوصول وأصبحت جهودك أقل فاعلية فتظهر سلوكيات عشوائية وغير منظمة تبدأ باللوم والشكوى والإسقاطات ثم التسويف والارتباك والتشتيت مما يعزز الشعور بالعجز ويساهم في زيادة الشك بالذات.
هنا يأتي دور اللامبالاة لتخلصك من هذا النمط غير المنتج، هذه الخطوة البديهية من انعدام الشعور هي ما تتطلبه المرحلة ليتم فيها خفض الضوضاء وإبطاء سرعة الأفكار، اللامبالاة بشعورها الهادئ المظلم والمركز نحو الداخل تدفعك للتخلي عن تعلقاتك المقيدة وإيجاد الطريق.
الحل يمكن في السماح لها بالوجود والاعتراف بها واحترام ضعفك الجسدي والفكري في هذه الفترة وبذلك تكون استفدت من هذا المورد العاطفي الطبيعي، ولعل من المفارقات أنك كلما استسلمت لها وسمحت بعبورها من خلالك ونقلت تركيزك إلى الداخل كنت أكثر قدرة على تجديد ذاتك وكلما تسارعت خطواتك نحو بدايات جديدة بمنهجية واعية تقود إلى رغبات محققة.
@wallaabdallagas