نحن بحاجة إلى ثقافة «التماس الأعذار» لبعضنا البعض، وفي الأثر «التمس لأخيك سبعين عذرًا» قال أحد الصالحين: إن زادت الأعذار على السبعين فقل لعل له عذرًا لا أدري عنه.
لو التمسنا الأعذار لبعضنا لما رأينا مَن يتهم الناس ويُخوِّنهم ويفسقهم، ويحكم عليهم بأحكام خاطئة.
* يمر أحدهم بالمسجد والناس يصلون دون أن يصلي معهم، فتخطر في ذهنك الظنون.. يا ابن الحلال هذا صلى في مسجد آخر.. تأكد قبل أن تحكم عليه بسوء!
* قرأ رسالتي.. ولم يرد عليّ!! (يا راجل) استهدِ بالله، ربما لكثرة الرسائل لم يلاحظ رسالتك، وربما نسي...!
* سلَّمت على واحد فلم يرد عليك السلام.. ببساطة الرجل لم يسمعك أو أنه مشغول إلى حد الذهول بمشكلة!
* تدعو أحدهم فلا يلبّي دعوتك.. فتحكم عليه مباشرة دون أن تسأله!! توقف عن توزيع أحكامك الجاهزة على الناس!
عندما تحكم قبل أن تسأل، وتقضي قبل أن تتأكد، ولما تعمّم أحكامك وتوزع صكوكها.. انتبه.. أنت ﻻ ترى سوى جزءٍ من الصورة.. ماذا عن الجزء الآخر من الصورة، انظر له بشكل إيجابي؛ حتى ﻻ تظلم الناس فتقع في الكذب والافتراء والبهتان وتأخذك ظنونك السيئة إلى أبعد حد..
لا تبخس الناس حقوقهم بسبب أحكامك الجاهزة بمقاييسك.. وتأكد أن (نوايا الناس) ليست بقالة تدخلها وتختار ما يعجبك.
ما أروع السلف القديم والصالح.. وما أصفى أحكامهم على غيرهم..
قرأتُ لأحد الصالحين قوله: لو رأيت أحدًا ولحيته تقطر خمرًا لقلت ربما سُكبت عليه!! وقال آخر: لو وجدت امرأً واقفًا يقول: أنا ربكم الأعلى، لقلت إنه يقرأ الآية، ويقول أحدهم: والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله، فكيف يتسلط على نيَّات الخلق.
النوايا الطيّبة مفتاح كل خير في الحياة، وعلى قول الشاعر الشعبي:
العمر مَرّة والقلوب البِيض ما تبغى دليل
والناس لا طابَت نواياها تطيب حظوظها
خلاصة المقال:
لا تدخل في نوايا الناس، فلا يعلم بما في القلوب إلا علام الغيوب.
* قفلة:
قال أبو البندري "غفر الله له":
أفضل عمليات التجميل.. (شفط) النوايا السيئة، (وشد) التدين المترهل!
ثم ارتشف رشفة من كأس (الشاهي) وقال: ويل لصديق يمسح صورة صديقه الناصعة بفهمه السقيم!