@Khaled_Bn_Moh
أعلنت وزارة الموارد البشرية في الأسبوع الماضي عن قرار توطين يخص قطاع ومهن الاستشارات ضمن حملتها المستهدفة لرفع معدلات التوطين في سوق العمل للوظائف النوعية، وفي هذا المقال سأتطرق لوجهة نظري الشخصية عن قطاع الاستشارات، الذي عانى لسنوات عديدة بسبب عدم الاهتمام به، بالرغم من كونه من ضمن الأسرع نموا في العالم.
شخصيا أتفق مع هذا القرار، واعتبره من القرارات التي سيكون له أثر كبير في رفع أعداد الداخلين لسوق العمل وذلك لسببين، الأول أن الوظائف المستهدفة تعتبر من الوظائف النوعية التي يستقر فيها العامل وظيفيا، والسبب الثاني أن الوظائف المستهدفة لها مسار وظيفي مميز لكل مشتغل فيها، ومتوسط أجورها فوق متوسط أجور سوق العمل بشكل عام.
المميز في هذا القرار وجود تكامل بين عدة جهات حكومية لدعم نجاحه وتحقيق مستهدفاته، ونلاحظ أنه راعى ظروف سوق العمل للقطاع الاستشاري، وكذلك راعى أعداد الباحثين عن عمل من خريجي التخصصات المطلوبة، وأخذ في عين الاعتبار الدارسين حاليا في التخصصات ذات العلاقة، الذين سينضمون لسوق العمل خلال السنوات القليلة القادمة وفقا لمؤشرات الانكشاف المهني، التي تعتمد عليها الوزارة في توجهاتها فيما يخص قرارات التوطين.
الاستشارات من أهم أساسيات أي عمل وأساس في تنظيمه وتطويره، وواقعيا قطاع الاستشارات في المملكة يعتبر قطاعا بلا هوية حقيقية، وأغلب تخصصاته ما زالت بلا أي حاضن أو مرجع رسمي يتبع له حتى يتم تطويره، وخلال السنوات السابقة «ما قبل قرار توطينه» لم تتم الاستفادة منه كمصدر مهم لتوفير فرص وظيفية مميزة للسعوديين من الجنسين، ويعتبر من أكثر القطاعات تخبطا وتسترا.
الالتفات لتوطين القطاع الاستشاري يعتبر أولى الخطوات لتنظيمه وتطويره وتحسين سمعته، التي تشوهت بسبب «الدخلاء» على هذا القطاع ممن يفتقرون للخبرة والمعرفة والمهارة اللازمة، ويفتقرون لمعرفة ثقافة المنظمات في المملكة وتاريخ سوق العمل السعودي، وللأسف اعتمدوا فيه على مبدأ «النسخ واللصق» مما زاد من تشويه سمعة كل ما يتعلق بمسمى «استشاري».
أرى لتطوير هذا القرار وتنظيمه أن تتم إعادة النظر حتى في شهادات الاعتماد للعاملين فيه، وتحديد مرجعيتها واشتراطاتها، وعدم الاكتفاء فقط بالمؤهلات العلمية، ولا يخفى على الجميع أن الحصول على الشهادات العليا بالإضافة إلى التميز في نشر الأبحاث العلمية لا يعني بالضرورة القدرة على تقديم استشارات الأعمال.
منذ الإعلان عن رؤية المملكة كانت الرسالة واضحة بأن هذا القطاع من أهم القطاعات، وخلال تلك الفترة تبين للجميع نجاح المستشارين السعوديين بسبب تمكينهم، وأنا متفائل بأن مستقبل هذا القطاع سيكون أكبر بعد تنظيمه وتطويره ورفع مستويات التمكين فيه للعاملين السعوديين كما هو مستهدف في قرار توطين مهنه وأنشطته.
كوجهة نظر شخصية أرى أن وزارة الموارد البشرية من خلال هذا القرار قامت بدور كبير في تنظيمه، ويتبقى منها خطوة واحدة وهي فيما يتعلق بتنظيم قطاع استشارات الموارد البشرية والاستشارات العمالية والتوظيف، وننتظر من باقي الجهات المعنية نفس الدور حتى يتطور هذا القطاع بجميع تخصصاته، ويتماشى مع التطور الحاصل في القطاعات الأخرى بالمملكة.
ختاما.. مستشارونا أدرى باقتصادنا، أتيحوا المجال لمكاتب الاستشارات السعودية ولا تظلموها بدعم وتفضيل المكاتب الأجنبية لأن «السعوديين» أدرى بأوضاعهم واقتصادهم عن غيرهم.