الحاجة للأمان هي أحد أهم الاحتياجات الإنسانية التي تضمّنها هرم ماسلو للاحتياجات، التي تبدأ بالحاجة للبقاء، ثم تليها الحاجة إلى ضمان هذا البقاء (الأمان)، تلبية شعور الأمان ضرورة للنمو النفسي والتمتع بالصحة النفسية.
ويُعد فقدان الأمان والشعور بالخوف والقلق والتهديد سببًا لعدد من المشاكل النفسية، والانحرافات السلوكية، والمشاكل الأسرية والاجتماعية.
ويمكن أن نقسِّم الأمان النفسي إلى داخلي، ويتمثل في تقدير الذات والتوافق معها بحل الصراعات الداخلية، وإشباع الدوافع الفطرية والمكتسبة، وأمان اجتماعي يتمثل في التكيّف مع المجتمع والشعور بالانتماء لجماعة إنسانية ذات قيمة، والقدرة على الالتزام بقواعد الضبط الاجتماعي، ومواكبة الأخلاقيات والمعايير المجتمعية، والشعور بالطمأنينة في المحيط.
ويطيب لي أن أضيف الأمان الروحي الذي يتحقق بإيمان عميق بالله واتصال به، يورث الإنسان نفسًا آمنة مطمئنة تعيش متوكلة على رحمة الله، فإن انقطعت حبائل الناس يظل حبل الله مفتولًا.
عادةً ما يكون سبب انعدام الأمان النفسي هو تدني تقدير الذات عند الإنسان؛ نتيجة خلل في التربية أثناء مرحلة الطفولة حتى الحادية والعشرين من العمر (قبل النضوج واكتمال البناء النفسي للإنسان).
ينتج هذا الخلل عن التطرفات في التربية من الصرامة الشديدة التي تتجاهل احتياجات الطفل العاطفية، وتعتمد على القسوة والنقد كأسلوب للتعامل مع الطفل، أو بالمقابل الحماية المفرطة والتدليل الزائد الذي يساهم في تنشئة شخصيات اعتمادية لا تسطيع إدارة الحياة، وتفتقر إلى احترام وتقدير ذواتها.
ومن الأسباب التي تؤدي إلى انعدام الشعور بالأمان، وانفصال الوالدين بطريقة لا تراعي الاحتياجات النفسية للطفل، سواء كان ذلك بالانفصال المنزلي الذي يشحن البيوت بالطاقات السلبية أو بالطلاق الجاف الذي يعمل فيه كل طرفٍ على استقطاب الطفل، وتشويه صوة الشريك.
كذلك قد تساهم الصدمات في فقدان الإنسان الشعور بالأمان، سواء كانت التعرض للحوداث أو العنف أو حالات الفقدان والوفاة؛ لما تسببه من تغيُّرات سريعة ومؤلمة تربك الجسد المشاعري، ويعجز النظام الفكري للإنسان عن معالجتها والتعامل معها، وقد تتطور إلى اضطراب نسمّيه علميًّا بكرب ما بعد الصدمة.
يرتبط الأمان النفسي للإنسان ارتباطًا مباشرًا بالأمان العاطفي، فالأشخاص الذين يعانون من فقدان الأمان العاطفي يعيشون بشكوك مستمرة في الشريك، ونقص الثقة، وحالات من القلق والخوف من الهجران، والبحث المستمر عن المعاني الخفية خلف كلمات الآخر وتصرفاته؛ مما ينعكس سلبيًّا على شعور الأمان والاستقرار النفسي.
كذلك تتأثر درجة الأمان النفسي بالأمان الاقتصادي والوظيفي، فقد يعيش الشخص في مخاوف من فقدان عمله أو مصادر الدخل الأخرى، وتدهور وضعه المالي، وعدم قدرته على الوفاء بالتزاماته المادية.
أخيرًا يُعتبر فقدان الأمان الاجتماعي من أكبر العوامل المؤثرة على الأمان النفسي للأفراد، خصوصًا في المجتمعات التي تعاني العنصرية أو الحروب والفوضى، ولا يأمن فيها الإنسان على نفسه وأسرته وممتلكاته.
من فضل الله تعالى أن مَنَّ علينا بالعيش على هذه الأرض التي ستظل آمنة "بإذن ربها"، تحتضن أطهر بقاع الدنيا، وتنهال عليها البركات بدعوة "أبو الأنبياء" إبراهيم "عليه السلام".
وكل عام والمملكة وقيادتها وشعبها بخير، وكل يوم وشمس المملكة تشرق على فرح يزهو وسعادة تزدهر.
@wallaabdallagas