إن لك دورًا فيما يحدث لك، فأنت مَن يصنعه، فإذا كنتَ لا تنسجم مع شخص في العمل أو تواجه صعوبة في علاقاتك وتشعر بأنك ضحية، أو كان أولادك يقللون من احترامك، فاسأل نفسك: ما الذي يمكنني تغييره كي أساعد نفسي لعدم الشعور بالضحية، ولا تقل: كيف يمكنني جعلهم يتغيَّرون؟ أو كيف يمكنني جعل العالم مختلفًا، لأن أي شيء يزعجك هو في الحقيقة انزعاجك الخاص، وملكك الخاص، والأمر يقع على عاتقك فقط، فعندما تلوم شخصًا آخر؛ لكونه يشكل إزعاجًا في حياتك فترجمة ما تقوله في الواقع هو أنه لو كان يشبه تصرُّفاتي فلن أكون منزعجًا منه، لكنك حين تقرر التصرف من منطلق الاستنارة ستتعلم إخبار نفسك بأن هذه هي ماهيتهم، وهذه هي طريقتهم الوحيدة التي يملكونها للتصرف، لكنني سأتصرف وفق ماهيتي بالحب واللطف والتقبُّل، فالأمر لا يتعلق بكونك تواجه مشكلات أم لا، بل بسلوكك تجاه المشكلات، ولا بد لكل شخص منا أن يتحمَّل مسؤولية تطوُّره الداخلي، فتخيَّل مثلًا أنك تحمل شمعة مشتعلة، وعليك السير بها في الخارج، فسوف تطفئها الرياح بسرعة، وعلى نحو مشابه فهناك جميع أنواع القوى الخارجية التي سوف تقابلها في الحياة؛ مما يجعلك تقلق بشأن شمعتك الداخلية، التي ترمز إلى ماهيتك البشرية، وفي الواقع يمكنك أن تحرص على ألا تضطرب شمعتك الداخلية بتاتًا؛ لأن شعلتك هي ملكك الخاص على نحوٍ فريد، ولا بد أن تؤمن بأن تطورك الداخلي المتمثل في تلك الشعلة قادر على المحافظة على قوته وتألقه، بغض النظر عما يجري في الخارج، فما يجري في دواخلنا مهما يكن فهو ملكنا كليًّا، فَلَو فكَّرت لدقيقة في البرتقالة، فحاول أن تعصرها بأقصى ما يمكنك، فما الذي سيخرج منها؟ إنه عصير البرتقال بالطبع؛ لأن هذا هو ما في داخلها، فمهما كان الشخص الذي يقوم بالعصر، أو الأداة التي استخدمها، أو في أي وقت من اليوم قمت بذلك، وعلى نحو مشابه، فعندما تعصر شخصًا ما، وتمارس عليه أي نوع من الضغط، وتخرج منه الكراهية والسباب والشتم والغضب، فالسبب هو أن هذا ما يوجد بداخله، وإن لم يكن موجودًا فلن يكون بوسعه الخروج على الإطلاق، فعندما يقطع أحدهم الطريق عليك وتغضب بشدة، فإن ما يُزعجك ليس لأنه قطع عليك الطريق؛ بل لأن هذا هو ما تحمله في داخلك، وحين تتوقف عن حمل ذلك، فلا يمكن لأي شيء يفعله أي شخص أن يزعجك، فلا يستطيع أحد أن يُشعرك بالدونية، أو أن يجعلك قلقًا، أو أن يجرح مشاعرك، أو أن يجعلك تستشعر بأي شيء سوى ما تسمح بوجوده داخلك، وإن كنت تريد أن تكون كائنًا بشريًّا سعيدًا بحق، فأول ما يتوجب عليك فِعله في الواقع هو استيعاب فكرة أن كل شيء تختبره في حياتك هو حصيلة إدراكك أي شيء موجود في الخارج، فمهما كان العائق الذي تواجهه، والأمر الذي تعجز عن فعله، ومهما كان ما يحدث في علاقتك أو عملك، فقم بفحص المعتقد الذي يدعم ذلك السلوك؛ لأن ما يكمن وراء كل تصرُّف هو معتقد أو فكرة، ويمكنك العمل على تغييرها بالكامل.
@LamaAlghalayini