قدَّمت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، اعتذارًا عما تسببت فيه من تهديد للاستقرار الاقتصادي في البلاد بعدما اضطرت لإلغاء خططها الموسعة لخفض الضرائب والشروع بدلًا من ذلك في برنامج "صعب للغاية" لخفض الإنفاق العام.
والتزمت تراس الصمت في البرلمان، أمس الاثنين، بينما أطاح وزير ماليتها الجديد، جيريمي هانت، ببنود أجندتها الاقتصادية التي اقترحتها قبل أقل من شهر، والتي أدت إلى تراجع حاد لسوق السندات لدرجة جعلت بنك إنجلترا مضطرًا للتدخل لحماية صناديق التقاعد من الانهيار.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز، اليوم الثلاثاء، أنه من المرجح أن يرجئ البنك المركزي بيعًا مخططًا له لسندات حكومية بالمليارات من الجنيهات الإسترلينية لأن الأسواق لا تزال متقلبة للغاية.
وخفف قرار تراس بسحب برنامجها الاقتصادي حتى الآن بعض الضغط على تكاليف الاقتراض المرتفعة في بريطانيا، إلا أن انعكاساته تعني أنها تكافح من أجل البقاء في منصب تقلدته فقط قبل ستة أسابيع.
ليز تراس تعتذر
وقالت تراس لهيئة الإذاعة البريطانية BBC الليلة الماضية: "أريد أن أتحمل المسؤولية وأقول إنني آسفة على الأخطاء التي ارتُكبت".
وأضافت تراس: "أردت أن أتصرف لمساعدة الناس في فواتير الطاقة الخاصة بهم، والتعامل مع مسألة الضرائب المرتفعة، لكننا بالغنا وتحركنا بسرعة كبيرة".
ودعا نواب من حزبها بالفعل إلى استقالتها، إلا أنها أشارت إلى بقائها في المنصب وأنها ستوجه كلمة في وقت لاحق لكبار الوزراء في حكومتها.
وأبرزت صحيفة ديلي ميل، التي سبق أن أشادت بخطة تراس، في صدر صفحتها الأولى مغادرة رئيسة الوزراء البرلمان أمس الاثنين وكتبت عنوانًا "في المنصب لكنها ليست في السلطة"، بينما وصفتها صحيفة صن الداعمة بأنها "شبح رئيسة وزراء".
وقال جيمس هيبي، الوزير المعني بالقوات المسلحة، اليوم الثلاثاء إنه لن يكون مسموحًا لتراس بارتكاب المزيد من الأخطاء، لكنه أضاف لشبكة سكاي نيوز أنه "يُحسب لها أنها امتلكت الشجاعة واعتذرت".
اضطرابات السوق
كان أعضاء حزب المحافظين هم من انتخبوا تراس، وليس جمهور الناخبين، بعدما وعدت بخفض الضرائب وتنفيذ إجراءات لإنعاش الاقتصاد.
إلا أن رد فعل السوق كان دراماتيكيًا لدرجة أن تكاليف الاقتراض ارتفعت وسحب المقرضون عروض الرهن العقاري وسجلت الصناديق التقاعدية هبوطا فوضويًا.
ومع تضرر سمعة بريطانيا الاقتصادية، قد يتعين على "هانت" الآن أن يذهب بعيدًا لتنفيذ تخفيضات في الإنفاق العام بصورة أكبر مما كانت ستفعله الحكومة لو لم تكن "تراس" قد أطلقت العنان لخطتها الاقتصادية في وقت يشهد ارتفاعًا في التضخم.