مخاوف كبيرة تنتاب قطاع عريض من الشعب الليبي بعد تجدد المطالب الدولية بعقد مؤتمر «برلين 3» في فترة ينشد فيها الليبيون عبور المرحلة الانتقالية الراهنة، وإقامة الانتخابات الرئاسية لاختيار رئيس جديد للبلاد، وإجراء انتخاب تشريعية لتشكيل برلمان جديد منتخب.
يأتي ذلك فيما حذر مختصون في العلاقات العربية والدولية في تصريحات لـ«اليوم» من أن المؤتمر قد يؤدي إلى تعميق الأزمة الليبية وتقسيم البلاد بين ثلاث حكومات.
إطالة أمد الأزمة دون حل حاسم
قالت السياسية والكاتبة الليبية عفاف الفرجاني، إن ما يُثار بخصوص وجود رغبة دولية لعقد مؤتمر ثالث في برلين لن يخدم القضية الليبية، ويصب في مسار إطالة أمد الأزمة دون حل حاسم.
وأضافت: المجتمع الدولي يسعى إلى استمرار تمزق ليبيا من أجل نهب خيراتها، وهناك للأسف دول بعينها تتدخل بقوة من أجل تعميق الأزمة ونشر الخراب والفوضى ووقف أية خطوات لدفع السلام.
الحرب لا تجلب إلا الدمار
وحذرت من شبح عودة القتال، مؤكدة أن الحرب لا تجلب إلا الدمار وليبيا عانت أكثر من عشرة أعوام من بحور الدم التي راح ضحيتها أبرياء، لذا فإن عقد المؤتمرات لا طائل منه ولن يصل إلى حلول، لأن الحل الحاسم هو إقامة الانتخابات الرئاسية والتشريعية وخروج المرتزقة ومنع التدخل الأجنبي.
تدخل الأطراف الخارجية
وقال الباحث في الشؤون العربية محمد شعت: ما تشهده ليبيا في المرحلة الراهنة من عدم استقرار يتسبب فيه تدخل أطراف وقوى دولية وإقليمية معنية بالأزمة، وللأسف لم تتمكن كل تلك المحاولات التي لا يتسم أغلبها بالجدية في فك الجمود السياسي الذي يخنق البلاد منذ مطلع العام.
وأشار إلى أن الدعوات الدولية لعقد مؤتمر «برلين 3» تُعد خطوة للوراء على صعيد التوصل إلى حل ناجز للأزمة الليبية التي تحتاج إلى خطوات جادة لتنفيذ خارطة الطريق التي تتضمن اختيار رئيس وبرلمان جديدين، وتشكيل حكومة بعيدة عن أي إملاءات أو ضغوط خارجية.
موقف عربي قوي
وأشاد الباحث في العلاقات الدولية أحمد العناني بجهود عدد من الدول العربية خصوصا المملكة ومصر والإمارات في سبيل التوصل إلى حل سريع للأزمة الليبية، مثمنًا الموقف العربي القوي المُطالب بدعم الجيش الوطني الليبي وخروج المرتزقة والقوات الأجنبية.
لن يفيد الموقف المعلق
وعن مؤتمر «برلين 3» يرى «العناني» أنه لن يفيد كثيرا الموقف المعلق حاليًا في ليبيا بعد رفض حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايتها تسليم السلطة في العاصمة طرابلس للحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن تأييده لعقد المؤتمر الجديد في برلين، داعيًا إلى الحفاظ على السلام بأي ثمن، وتحقيق التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، للسماح بإجراء التغييرات القانونية اللازمة لإجراء الانتخابات.
ألمانيا تستعد للمؤتمر
وأرسلت الحكومة الألمانية للمرة الأولى منذ أكثر من 9 أعوام، مبعوثًا لها إلى ليبيا لترتيب استضافة مؤتمر «برلين 3»، وأجرى مبعوثها كريستيان بوك لقاءات شملت رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، ورئيس الحكومة المنتهية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والمجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس المفوضية الليبية العليا للانتخابات عماد السايح، وركزت تلك المباحثات على حل الأزمة، وإجراء مؤتمر «برلين 3»، فيما لم يُحسم الموعد النهائي لعقد المؤتمر.
بحث وقف إطلاق النار
وسبق أن استضافت ألمانيا مؤتمري «برلين 1» في 19 يناير 2020، و«برلين 2» في 23 يونيو 2021 برعاية من الأمم المتحدة، جمعا الأطراف الليبية لبحث وقف إطلاق النار وتنظيم الانتخابات وإخراج المرتزقة الأجانب، بيد أن بنودهما لم تنفذ عدا وقف إطلاق النار.
