كرّم النادي الأدبي الثقافي بجدة بالاشتراك مع الجمعية العلمية السعودية للأدب العربي، الناقد د. عبد المحسن بن فراج القحطاني من ضمن سلسلة التكريمات الذي يحرص عليها النادي.
وجاء تكريم القحطاني لدوره الريادي في خدمة الثقافة، وعرفانًا بالتضحيات التي قدمها على مدى عقود للثقافة، وتحمله أعباء النادي الذي رأسه، وهي الفترة التي شهدت توهج النادي ووضعه في مقدمة الأندية الأدبية وأغناها نشاطًا، إذ جعل منه أحد أبرز المنصات الثقافية الحاضنة للحداثة والتنوير.
التصالح مع كل التيارات الأدبية
رحب عدد من المثقفين بتكريم هذه القامة الثقافية، وقال الشاعر والكاتب عبد الله حمد الصيخان: القحطاني رمز الخلق الطيب والنفس الكريمة المعطاءة والتواضع الإنساني، وهذه مميزات الكبار، وشهدت فترة رئاسته النادي الأدبي في جدة التصالح مع كل التيارات الأدبية فهو عدو الإقصاء والتهميش.
وأضاف: التقيت بعض طلبته في جامعة الملك عبد العزيز، فقالوا إنه يتميز بروح تغمرك بالمحبة، وأنه كان قريبًا منهم كأنه أخ أكبر، وكان متفهمًا لظروف ومشاكل بعضهم وعمل على تذليلها، وأنهم يدينون له بالفضل بعد الله في تجاوز الظروف الصعبة التي مروا بها.
وتابع: هو من الأدباء السعوديين القلائل الذين ظلوا على اتصال بالساحة الأدبية في مصر، وحوّل منتداه الثقافي هناك إلى شريان أدبي يصلنا بالمثقفين المصريين، ومجلس تكريم لكبار الأدباء، أسأل الله له الصحة والعافية والعمر المديد.
رمز وطني وثقافي كبير
أما رئيس نادي الرياض الأدبي د. صالح المحمود فتحدث قائلًا: الحديث عن د. عبد المحسن القحطاني إنما هو حديث عن رمز وطني وثقافي كبير، فهو رجل استطاع أن يشيد لنفسه المحبة والاحترام والإعجاب في قلوب الناس.
وأردف: هو رجل متشعب القدرات والمواهب، فهو على المستوى العلمي والأكاديمي أحد أهم أساتذة الأدب والنقد في بلادنا، وعُرف في النطاق الاكاديمي بعلميته العميقة، ودقته الفائقة، وصرامته المنهجية، وأبوته الحانية مع طلابه وطالباته، فكان نموذجًا عاليًا ونادرًا للأستاذ الجامعي المتكامل والمتمكن.
واستطرد: أنفق القحطاني عمره على البحث العلمي والتدريس الجامعي والإشراف البحثي، ضاربًا بذلك أروع الأمثلة وأجملها على الإخلاص في طلب العلم وعطائه للآخرين.
حوّل منزله الخاص إلى مؤسسة ثقافية
استكمل المحمود حديثه قائلًا: على المستوى الثقافي فهو يُعد أحد أهم رموز الثقافة في بلادنا، سواء في مرحلة رئاسته النادي الأدبي الثقافي في جدة، حين استطاع أن يحافظ على تألق هذا النادي ووهجه الذي بدأه عبد الفتاح أبو مدين، رحمه الله، وينقل النادي إلى مراحل متقدمة من العمل الثقافي المؤسس بالوعي والإنجاز، وكذلك حين ترجّل عن رئاسة النادي ليحول منزله الخاص إلى مؤسسة ثقافية مذهلة في نشاطها وإنجازاتها واستمراريتها.
وأضاف: تكريم د. القحطاني هو تكريم للثقافة والمثقفين السعوديين المخلصين، وهو احتفاء جميل ومستحق برمز وطني وثقافي، والأجمل أن يأتي هذا الاحتفاء والتكريم في حياة المكرَّم وفي صحته، ولذلك يجدر بنا شكر النادي الأدبي الثقافي بجدة وجمعية الأدب على هذه اللفتة الكريمة.
الاثنينية تروي عطش عاشقي المعرفة
أكد القاص محمد المنصور الحازمي أن القحطاني علامة فارقة ونسيج متفرد، إذ استقطب الكثير من الأدباء والنقاد والمفكرين من داخل الوطن وخارجه عبر اثنينته العبقة، التي استضاف فيها أيضًا وجوها اجتماعية، ولا يزال يقدم ما يروي عطش عاشقي المعرفة والثقافة العربية، وبهذا تميزت اثنينيته بتنوع الحضور بما يتواءم مع تخصص وإبداع الضيف، ما حقق لها الثراء والإثراء.
وتابع: لم يكتف د. القحطاني بما قدم، بل أسهم في طباعة محاضرات وندوات من استضافهم، ليرفد المكتبات الخاصة والعامة بنسيج متنوع سيظل إرثًا للأجيال عوضًا عن الارتهان لغثاء ما يُقدم في كثير من مواقع التواصل.
وأشار إلى أن تكريمه يُعد واجبًا لعله يكافئ ما قدمه للثقافية، وجهده المبذول واستثمار وقته، وقال: أعطى الرجل جل عنايته بأريحية واقتدار، شكّل دليلًا ناصعًا على عشقه لوطنه، ولا شك أن اسمه سيُكتب بحروف من نور في سجل رواد الثقافة والأدب والمعرفة.
بصمات واضحة في الثقافة السعودية والعربية
وصف القاص والكاتب حسن علي البطران التكريم بأنه تأكيد وتأصيل للاعتراف والشكر إلى المُكرّم وقال: د. عبد المحسن القحطاني رائد في الأدب والنقد، وهو من الذين لهم بصمات جلية وواضحة في الوسطين السعودي والعربي، وهو من أبرز الشخصيات السعودية في الوقت الراهن ونشاطه تباين على المستويين المحلي والخارجي.
وتابع: تكريمه من قبل هذا الصرح الثقافي الكبير الذي يعد أحد دعائمه مطلب مُلح وضروري، والأخوة في أدبي جدة لم يخف عنهم ذلك، وها هم يؤكدون ذلك بهذا التكريم، فهو علم من أعلام الثقافة السعودية، وأنشطته تعم الوطن والوطن الكبير «العربي»، فله ملتقى وصالون أدبي في القاهرة، وملتقى في جدة، ومؤلفاته تشكل حراكا أدبيًا وثقافيًا.
نموذج للمثقف الموسوعي والأكاديمي العميق
أشار أستاذ الأدب والنقد بجامعة الطائف د. طلال بن أحمد الثقفي إلى أن القحطاني محرك من محركات المعرفة في الوطن، ووصفه بأنه فاعل ومتفاعل في محيطه ومجتمعه، ومؤثر فيمن حوله، ونموذج للمثقف الموسوعي، والأكاديمي العميق.
وأضاف: إنه يحمل سيرة أكاديمية حافلة بالعطاء، ومسيرة علمية باذخة بالنتاج، وقيمة فكرية تشع بالثراء، وطاقة عملية محفزة للأداء، وحنكة إدارية صانعة للإنجاز.
وتابع: كما أثرى المكتبة العربية بفرائد نقدية، وقاد دفة مؤسسة ثقافية عريقة نادي جدة الأدبي بعقول نيرة ورؤى ثاقبة، ورفد المشهد الثقافي بأسبوعية نوعية «أسبوعية عبد المحسن القحطاني»، وحفّزه بجائزة للدراسات الأدبية والنقدية العربية.
عمر مديد في إبهاج اللغة
تحدث الشاعر محمد جابر المدخلي، قائلًا: حينما نتحدث عن تكريم قامة بحجم د. القحطاني، فإننا نكرم رائدًا من رواد الحرف قضى عمرًا مديدًا في إبهاج لغته وجعلها سامقة رغم كل الظروف التي أحاطت بها، ولذلك عُد رمزًا لابد من تكريمه عرفانًا منا بما أسدى لمجتمعه.
تشجيع مستمر للشباب الطموح
أما القاص والكاتب جبير المليحان، فقال: عرفت القحطاني أثناء تحديث مجالس إدارات الأندية الأدبية في المملكة، إذ انتُخب من قبل زملائه أعضاء مجلس إدارة نادي جدة الأدبي رئيسًا للمجلس، وكان اختيارًا موفقًا، فالرجل يتكئ على خصائص مميزة، وخبرة كبيرة في العمل الإداري والثقافي، والشأن الاجتماعي.
واستطرد: إنه هادئ الطباع، لم أره أثناء اجتماعاتنا إلا مبتسمًا، يعرض رأيه ورؤيته بحياد وتواضع وهدوء، ويساند كل اقتراح يدفع بالأندية إلى التفاعل مع القضايا الأدبية، خاصة ما يخص المرأة وحضورها ومشاركتها في أنشطة النادي وفعالياته، وكذلك تشجيعه المستمر لفئة الشباب الذين يحملون طموحات ورؤى كبيرة، وإبداعًا جديدًا في الأدب والثقافة.
أيادٍ بيضاء على المشهد الثقافي
قال مدير الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بمنطقة الجوف خالد بن العيسى: لا نكاد نذكر الحركة الثقافية في جدة إلا ونذكر د. القحطاني، لما له من أيادٍ بيضاء منذ أمد على مجمل المشهد الثقافي والأدبي السعودي من خلال نتاجه الثري.
أضاف: لم تقف جهود صاحب مقام التكريم عند هذا الحد، فقد كان له اليد الطولى في إنشاء مبنى أدبي جدة، والإشراف عليه حتى أصبح منبرًا علميًا وثقافيًا وأدبيًا يُشار له بالبنان، ويقف شامخًا ليشهد على أصالة وعمق ثقافة وأدب هذا الوطن المعطاء.
يقود حراكًا ثقافيًا من خلال صالونه
ووصف رئيس الجمعية العلمية للأدب السعودي عبد الله بن إبراهيم الزهراني، القحطاني بأنه أستاذ جيل ورمز ثقافي لا على المستوى المحلي بل الوطن العربي، وأنه يقود حراكًا ثقافيًا من خلال صالونه الذي يستضيف النخب الثقافية.
أردف: أضحت مؤلفاته معينًا ينهل منها أهل المعرفة، وعمل في حقبة رئاسة النادي الأدبي على الارتقاء به في مصاف مراكز الثقافة العربية.
إظهار الوفاء لرمز العطاء
وقالت باحثة الماجستير في تخصص الأدب والنقد بجامعة جدة مروة مختار: هذا التكريم المستحق يأتي تقديرًا وتوثيقًا لجهود رمز عريق من رموز الثقافة السعودية، وعلم من أعلام الأدب العربي نهل من عذب نتاجه الكثيرون، واستقى من فيض معينها الجميع.
وتابعت: إنه أستاذ العطاء الصافي، والخلق النبيل الراقي، وصاحب الهدف الكريم الوافي والفكر الرصين الضافي، واحتفاء نادي جدة الأدبي الثقافي بالتعاون مع الجمعية العلمية السعودية للأدب العربي، يُظهر الوفاء لرمز العطاء.