خطاب هام، ومفصلي وتاريخي، وجاء انعكاسًا لواقع الأمن، والاستقرار الكبير الذي تعيشه المملكة، رغم التقلبات الاقتصادية العالمية، وأهمية الخطاب تكمن في حرص قيادتنا -أعزَّها الله- وحِكمتها في توفير كافة متطلبات الأمن، والاستقرار الاجتماعي، والاقتصادي لبلادنا، وتجنيبها ما تمرُّ به دول عديدة في العالم والمنطقة، وهذا كله بفضل الله، وحِكمة قيادتنا -أعزَّها الله-.
فخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -أمدَّ الله في عمره- في مجلس الشورى، الأحد الماضي، يُعتبر خطابًا مهمًّا جدًّا، وخارطة طريق، ووثيقة رسمية لأعمال مجلس الشورى، وكان الخطاب توجيهيًّا، وفيه رسائل عديدة، فقد حث على خدمة المواطن، وناقش هموم الوطن في نواحي السياسة الداخلية، والخارجية، خاصة في الجوانب التنموية.
وكان الخطاب الملكي بمثابة مسار جديد لرسم هيكلة إدارية لمجلس الشورى، ودعم تنمية اقتصادية مستدامة للوطن، ورؤية سياسية مستقبلية قادمة، وإعلان عن حالة من الاتصال الجيد بين القيادة، وجميع المواطنين عبر سياسة الباب المفتوح، واستقبال اقتراحات المواطنين، ومطالبهم وشكاويهم، عبر مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
لقد احتوى الخطاب الملكي على عدة توجيهات للداخل والخارج، ففي الداخل تضمن ما تحقق من إنجازات في جميع المجالات في ظل الرؤية السعودية 2030م، والتي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- بكل اقتدار، وركَّز الخطاب على تقوية اللحمة الوطنية بين القيادة، وجميع المواطنين ونشر مبادئ حرية التعبير، وفتح نوافذ عديدة مع المواطنين.
والاستماع للرأي الآخر، والاهتمام بتوظيف المواطنين، وحقوقهم وخدماتهم، ودعم حساب المواطن، وبنوك التنمية الاجتماعية، والصناعية والتجارية، والعقارية والزراعية والتسليف، ومكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة والاهتمام بتطوير التعليم، ومشاريع الإسكان، وصحة المواطن، وتطوير الأنظمة والقوانين، ونظام القضاء وتحسين الأداء والتشريعات.
أما للسياسة الخارجية، فقد ركَّز الخطاب الملكي على مكانة المملكة الراسخة، والقائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية، وحسن الجوار، والتعايش السلمي مع الجميع، ودورها الاقتصادي المهم في العالم بما يخدم ويحقق مصالح الدول العربية، والإسلامية والصديقة، ورفع مستوى التنافسية للوصول بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة.
ووجَّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله- بالنظر لقطاع الأعمال والمال، والاقتصاد والطاقة، ودعم سياسة النفط المعتدلة القائمة على الأسس الاقتصادية، والتي تراعي فيها المملكة مصالح المنتجين والمستهلكين، خاصة الدول النامية، ولعل المؤتمرات، والقمم الاقتصادية شاهد على هذا التحوُّل، والتطور الهائل، والكبير لبلادنا.
كما أن الخطاب الملكي في مجلس الشورى، والذي يعتبر تجمُّعًا للخبراء، والنخب الوطنية السعودية الذين يخدمون بلادهم، وقيادتهم بكل إخلاص، ويمارسون صلاحياتهم بحدود وظيفتهم، هو تقدير ملكي لهم وللمؤسسة العريقة، ودورها في حفظ التوازن، وأمن الوطن، واستقرار المواطن، فحالة التنوُّع، والخبرة والثراء الموجودة في المجلس مصدر فخر لكل سعودي.
فخطاب خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى يُعبِّر عن اهتمام الملك سلمان بمجلس الشورى، ودعم دوره في مسيرة الإصلاح والتطوير، والتنمية التي تمر بها المملكة، ومواكبة كافة الخطط التنموية الحديثة، وعلينا كسعوديين أن نقف احترامًا، وإجلالًا أمام هذا الخطاب الملكي التاريخي، والمهم في حياتنا، والذي سوف يكون خارطة طريق لمصلحة الوطن والمواطن.
لقد سعدنا بخطاب الملك سلمان -أعزَّه الله-، ونأمل أن يترجم الخطاب الملكي إلى إنجازات تنموية وإصلاحات اقتصادية، وإعادة هيكلة مجلس الشورى ضمن خطط مرحلية، كزيادة أعضاء مجلس الشورى، ونتطلع لأن تكون هناك نقلة نوعية في الحياة الشورية، ووصولًا إلى مرحلة انتخاب خيرة أبناء، وبنات الوطن من أهل العلم، والمعرفة في مجلس الشورى.
[email protected]