تتميز قرية «رُجال» التابعة لمحافظة رجال ألمع بعمقها الحضاري وريادتها في مجالات عدة، من أبرزها التجارة والفنون المعمارية الفريدة المتمثلة في الحصون الشاهقة المبنية بطريقة فنية بديعة تجمع بين الجمال والإتقان واستغلال المساحات بشكل لافت، إذ تتراص تلك الحصون على مساحات صغيرة متقاربة، لتصنع كتلة واحدة بارتفاعات متفاوتة، يصل ارتفاع بعضها إلى 6 طوابق، زخرفت من الخارج بحجر «المرو» الأبيض، كما زيّنت من الداخل بالنقوش الفنية، التي يطلق عليها «القط العسيري»، ما جعلها مقصدا للزوار القادمين إلى منطقة عسير من داخل المملكة وخارجها، ويعدّ المكان بعبقه التاريخي والمعماري من أبرز نقاط جذب الزوار من مختلف دول العالم، الذين يتشوقون لمعرفة تراث المنطقة وتاريخها العريق.
متحف دائم
وبدأ الاهتمام بتوثيق التراث المادي لمحافظة رجال ألمع من خلال إنشاء أحد أقدم المتاحف الأهلية في المملكة، وهو «متحف ألمع الدائم للتراث» عام 1405هـ/ 1985م، وذلك بأحد حصون قرية «رُجال»، بمبادرة أهلية من طيف واسع من أهالي محافظة رجال ألمع، ويحتوي على أكثر من 2800 قطعة أثرية موزعة على 12 غرفة، خصصت كل واحدة منها لنوع معين من التراث مثل الأدوات الزراعية ولباس الرجل والمرأة وزينتهما قديما، وأدوات الطبخ ومستلزمات القوافل وأدوات التعليم القديم، وغيرها من مظاهر الحياة القديمة، إضافة إلى قسم للمخطوطات النادرة.
تراث غني
ونجحت وزارة الثقافة ممثلة بهيئة التراث، ووزارة السياحة، في إعداد ملف ترشيح عدد من القرى التراثية السعودية ضمن مبادرة القرى السياحية التابعة لمنظمة السياحة العالمية، ليقع اختيار المنظمة على قرية «رُجال» بفضل ما تمتلكه من تاريخٍ كبير وإرثٍ حضاري يمتد لما يقارب الـ 900 عام، ويؤكد هذا الإنجاز أهمية الالتزام بالاستدامة واستخدام السياحة كقوة للتغيير الإيجابي في المجتمعات، إذ اختارت منظمة السياحة العالمية رجال ألمع من بين 175 جهة مشاركة تمثل 75 دولة، وحصلت القرية على جائزة المدن العربية «مدن»؛ نظرا لتراثها المعماري الغني، وجائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني في عام 2017.